تشهد الساحة السياسية حالة من الغليان بعد سلسلة من الوقائع المرتبطة بانتخابات مجلس النواب الجارية. حيث تزايدت الاتهامات بشأن الممارسات الأمنية ضد المرشحين والمواطنين الذين يكشفون شبهات التزوير داخل اللجان انتخابات مجلس النواب.
قبل أيام قليلة، نشر المرشح لمجلس النواب المستشار محمود جويلي مقطع فيديو تحدث فيه بالتفصيل عن الضغوط التي تتعرض لها حملته الانتخابية.
وأكد جويلي أن التضييقات تأتي لصالح مرشح آخر ينتمي إلى أحد الأحزاب الموالية للسلطة. مشيرًا إلى أن عددًا من أعضاء حملته تم اعتقالهم فور نشرهم مواد دعائية على مواقع التواصل.
وفي الفيديو ذاته كشف جويلي عن أن أطرافًا وسيطة طلبت منه مبالغ مالية كبيرة. مقابل ضمان الحصول على المقعد البرلماني، وصلت – بحسب قوله – إلى 20 مليون جنيه.
وبعد ساعات قليلة من نشر الفيديو، خرجت زوجته في بيان مصوّر أعلنت فيه اختطافه من أمام منزله على يد مجموعة قالت إنهم يتبعون “الأمن الوطني”، في واقعة أثارت حالة واسعة من الغضب والتساؤلات.
استغاثات من أهالي ديرمواس بالمنيا تتحول إلى اعتقالات
وفي محافظة المنيا، خرج العديد من أهالي مركز ديرمواس باستغاثات موجّهة لرئيس الجمهورية. كشفوا خلالها عن”وقائع تزوير موثقة” داخل عدد من اللجان.
وقال الأهالي إنهم يمتلكون مقاطع مصوّرة وصورًا تؤكد حدوث تجاوزات واضحة أثناء العملية الانتخابية.
إلا أن وزارة الداخلية أعلنت بعد ساعات قليلة اعتقال عدد ممن ظهروا في تلك النداءات. معللة ذلك بأنهم “يروجون لمزاعم كاذبة حول تزوير الانتخابات”. وهو ما أثار مزيدًا من الجدل حول طريقة تعامل الأجهزة الأمنية مع الشكاوى المرتبطة بالتصويت.
وفي الإسكندرية، تواترت الأنباء عن اعتقال أحد المرشحين بعد نشره فيديو من داخل لجنة انتخابية. ظهر فيه وهو يكشف ما قال إنه “تزوير مباشر” لصالح أحد المنافسين.
لكن بعد ساعات، حين ظهر المرشح نفسه في فيديو آخر ينفي فيه خبر اعتقاله. دون أي توضيح لظروف اختفائه أو سبب انتشار فيديو النفي السريع، ما دفع متابعين للتساؤل حول ما إذا كان قد تعرّض لضغوط لإصدار ذلك البيان.
مقاطع وصور توثق التجاوزات داخل اللجان
خلال اليومين الماضيين، انتشرت بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع وصور عديدة توثق عمليات تزوير واضحة داخل اللجان، من بينها مشاهد لفرز الأصوات، وأخرى لبطاقات انتخابية تحمل علامات متشابهة.
هذه المقاطع أثارت موجة استياء كبيرة، ودفعت الكثير من النشطاء والمرشحين السابقين للتساؤل حول مدى نزاهة العملية الانتخابية الحالية، خاصة بعد تراكم الوقائع في محافظات متعددة.
انقسام إعلامي
على المستوى الإعلامي، ظهرت مواقف متباينة بين مقدمي البرامج السياسية.
الإعلامي عمرو أديب عبّر عن استغرابه من المشاهد المنتشرة، معتبرًا أن محاولة توجيه العملية لصالح أحزاب بعينها “تضر بصورة الدولة ولا تخدم مستقبل الحياة السياسية”.
في المقابل، قدّم الإعلامي أحمد موسى طرحًا مختلفًا، مؤكدًا أن المجلس النيابي المقبل سيكون “متنوعًا بشكل غير مسبوق”، مشيرًا إلى وجود وجوه جديدة ومعارضة “ستكون موجودة بقوة”.
ومع تزايد الحديث عن تدخلات أمنية وتوثيق للانتهاكات، يبقى المشهد الانتخابي في مصر محاطًا بعلامات استفهام واسعة، خصوصًا في ظل غياب ردود رسمية واضحة حول الوقائع المتداولة، باستثناء بيانات مقتضبة تنفي الاتهامات دون تقديم تفاصيل.