أصوات مذبحة رابعة تدوي بعد 10 سنوات
قالت “هيومن رايتس ووتش” إن السلطات المصرية لم تحاسب على مدى عشر سنوات أي شخص على أكبر عملية قتل جماعي في تاريخ مصر الحديث “مذبحة رابعة”، وهي جريمة محتملة ضد الإنسانية، التي حدثت في القاهرة في 14 أغسطس 2013، وأطلقت شرارة حملة قمع جماعية استهدفت منتقدي الحكومة، مما أدى إلى واحدة من أسوأ أزمات حقوق الإنسان في مصر منذ عقود.
رغم الأدلة الدامغة التي جمعتها هيومن رايتس ووتش ودعوات الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية لإجراء تحقيق، تقاعست السلطات عن التحقيق مع أي شخص أو مقاضاته على قتل مئات المتظاهرين ذلك اليوم. فضّت قوات الأمن الاعتصام بعنف في ساحة رابعة العدوية، موقع التجمع الرئيسي للمتظاهرين الذين كانوا يطالبون بإعادة الرئيس آنذاك محمد مرسي إلى منصبه. لا يزال مئات المتظاهرين الذين شاركوا في الاعتصام رهن الاعتقال، وأدينوا في محاكمات جماعية جائرة جدا، وحُكم على بعضهم بالإعدام. وفر كثيرون آخرون إلى المنفى.
قال آدم كوجل، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “تلا مذبحة رابعة حملة عاتية من الاعتقالات والمحاكمات الصورية والتعذيب والنفي، مما قضى على أي مساحة للحوار النقدي ودفع الكثير من الإصلاحيين إلى خارج البلاد. معالجة ما وقع في رابعة لا يخص ضحايا رابعة وعائلاتهم فحسب، وإنما هو أمر مصيري فيما يخص آفاق الديموقراطية وحقوق الإنسان في مصر”.
أطاح الجيش بالرئيس مرسي واعتقله في 3 يوليو/تموز 2013، وتوفي في السجن في 2019 في ظروف مُسيئة. بعد الانقلاب، نظّم أنصار مرسي احتجاجات كبيرة في جميع أنحاء مصر وتجمعوا في ميدانين رئيسيين في القاهرة: رابعة والنهضة. وثّقت هيومن رايتس ووتش أن قوات الأمن أطلقت النار بشكل غير قانوني على حشود من المتظاهرين السلميين في معظمهم في 14 أغسطس لتفريقهم في رابعة، مما أسفر عن مقتل 817 شخصا على الأقل، وأكثر من ألف شخص على الأرجح. قالت هيومن رايتس ووتش إن عمليات القتل الجماعي هذه على الأرجح تشكل جرائم ضد الإنسانية وتتطلب تحقيقا دوليا.
ينبغي للمحاكم الوطنية في الدول الأخرى أيضا التحقيق مع المتورطين في المذبحة ومحاكمتهم بموجب مبدأ “الولاية القضائية العالمية”. يشير مصطلح الولاية القضائية العالمية إلى سلطة النظم القضائية الوطنية للتحقيق في بعض الجرائم الأكثر خطورة بموجب القانون الدولي ومقاضاة مرتكبيها بصرف النظر عن مكان ارتكابها أو جنسية المشتبه بهم أو جنسية ضحاياهم.
في ديسمبر 2013، شكل الرئيس المؤقت عدلي منصور لجنة لتقصي الحقائق لجمع “المعلومات والأدلة” حول الأحداث التي رافقت احتجاجات 30 يونيو، بما فيها فض اعتصام رابعة. افتقرت اللجنة، التي ضمت أساتذة قانون ومسؤولين حكوميين سابقين أي صلاحيات قضائية. أصدرت اللجنة ملخصا تنفيذيا في 26 نوفمبر 2014، ألقت فيه باللوم إلى حد كبير على قادة الاحتجاج في سقوط ضحايا في رابعة بسبب سماحهم بدخول السلاح إلى الاعتصام. وجهت اللجنة أيضا اللوم للمتظاهرين العزل لأنهم بقوا في الاعتصام مع علمهم أن بعض المتظاهرين مسلحون. لكن اللجنة أشارت إلى أن القوات الأمنية لم تستهدف المسلحين فقط. لم يُنشر التقرير الكامل بعد.
في 6 مارس 2014، أصدر “المجلس القومي لحقوق الإنسان” المصري تقريرا عن فض اعتصام رابعة، قال فيه إن بعض المتظاهرين كانوا مسلحين وقاوموا قوات الأمن ما أجبرها على استخدام القوة القاتلة، حسب التقرير. مع ذلك، أفاد التقرير أيضا أن قوات الأمن “أخلّت بالتناسبية” و “كثافة إطلاق النيران”، وأن قوات الأمن لم تحافظ على مخرج آمن للمتظاهرين الراغبين في المغادرة وحرمت المصابين من الحصول على الإسعافات اللازمة.
قالت لجنة تقصي الحقائق والمجلس القومي لحقوق الإنسان إنه يجب تعويض الضحايا الذين لم يشاركوا في العنف. دعا المجلس القومي لحقوق الإنسان أيضا إلى إجراء تحقيق قضائي مستقل.