طائرة زامبيا.. تفاصيل غامضة وتعهدات بالمحاسبة ووثيقة تكذّب الرواية المصرية
ألمح الرئيس الزامبي هاكيندي هيشيليما، أن المسائلة في قضية الطائرة التي تم ضبطها وهي محملة بكمية كبيرة من الأموال والمعادن الثمينة والأسلحة والذخيرة، قد تكون لها أبعاد أخرى، في ظل ظهور وثيقة جديدة تكشف كذب الرواية المصرية، واستمرار الغموض حول تفاصيل عديدة حول الواقعة.
ووفق وسائل إعلام زامبية، قال هيشيليما في تصريحات صحفية: “دعوني أكن واضحا هنا.. الجرم يظل جرما دائما.. ما شاهدتموه في الواجهة قد يكون أعمق”.
وأضاف: “هذه الجريمة وقعت في أراضينا في دولة زامبيا، وهي بالتأكيد في رأيي تصرف إجرامي، وعندما تم القبض على الجناة لا يوجد أي تصنيف أو تمييز حسب لون الشخص أو جنسيته أو لغته”.
وتابع: “بما أنه تم القبض عليهم، فيجب أن يذهبوا إلى المحكمة وهي ستتولى الأمر”.
بدأت القصة، عندما أعلن المدير العام للجنة مكافحة المخدرات في زامبيا ناسون باندا، في مؤتمر صحفي الثلاثاء، أن طائرة تحمل بضائع وصفها بالخطرة هبطت في مطار كينيث كاوندا يوم 13 أغسطس.
وأضاف أنه وبناء على معلومات وردت للجنة وبالتنسيق مع أجهزة أخرى معنية بتنفيذ القانون، تم ضبط 5.7 ملايين دولار، و5 مسدسات، و7 خزن ذخيرة، و126 طلقة، و602 قطعة معادن مختلفة تزن مجتمعة 127.2 كيلوجرام.
ولاحقا نقلت وسائل إعلام عن مسؤولين بالحكومة الزامبية قولهم إنه تم إيداع المبالغ المالية المضبوط البنك المركزي خلال فترة التحقيقات، وأن الفحص الجيولوجي أثبت ان المعادن المضبوطة ليست ذهبا، وإنما النحاس والنيكل والقصدير والزنك.
كما تم احتجاز 10 أشخاص، بينهم مواطن زامبي و6 مصريين وهولندي وإسباني وآخر من لاتفيا، حيث يخضعون للتحقيق.
وقد ترددت عبر منصات التواصل الاجتماعي، أسماء 5 من هؤلاء المصريين، فيما بقي الاسم السادس غامضا، وهو ما أجج التكهنات بشأن القضية.
وأفاد موقع “مدى مصر” الإخباري المستقل، أن أحد مكاتب المحاماة في زامبيا، طالب بإخلاء سبيل المصريين الخمسة وهم: محمد عبدالحق محمد جودة، ووليد رفعت فهمي بطرس عبدالسيد، وياسر مختار عبدالغفور الششتاوي، ومنير شاكر جرجس عوض، ومايكل عادل مايكل بطرس.
وقال ناشطون، إن هذه الأسماء لها ارتباطات بأوساط أمنية، وبعضها بتجارة الذهب.
وذكر “مدى مصر”، نقلا عن منصة للتحقق من المعلومات أن محمد جودة كان مساعد الملحق العسكري بالسفارة المصرية في واشنطن في فترة 2011-2012، وأن مايكل بطرس يملك شركة بريطانية تقدم استشارات للقوات المسلحة.
فيما أظهرت تحقيقات من مصادر مفتوحة، عن وجود رائد في الجيش المصري، ومستشار عسكري، وخبيران يعملان في مجال الذهب، على متن الطائرة الخاصة.
وانتشرت عبر المنصات المصرية تساؤلات حول هوية الشخص السادس، الذي كان على متن الطائرة، وسببِ التكتم على هويته حتى الآن وسط تكهنات عديدة.
في الوقت نفسه، تصدّر اسم “العرجاني” تدوينات الناشطين، حيث زعم معلقون ارتباط رجل الأعمال المصري إبراهيم العرجاني بالطائرة، وسط تساؤلات إن كان رجل الأعمال أو نجله عصام ضمن المحتجزين.
وأظهرت بيانات تتبع رحلات الطائرة، ارتباطها برحلات نجل العرجاني في أوقات سابقة، وقد ظهر في إحدى الصور مع والده وفي الخلفية الطائرة المذكورة، كما تزامنت بعض رحلات الطائرة نفسها مع صور نشرها عصام عبر حسابه على “إنستجرام”.
فيما قال موقع “نيوز ديغرز” الاستقصائي، إن السلطات في لوساكا تحقق بارتباط رجال أعمال زامبيين في قضية احتيال ذهب، بعدما أفاد المحتجزون بأن المبلغ المضبوط 5.7 ملايين دولار، يمثل نصف المبلغ الذي كانت تحمله الطائرة.
وحسب الموقع، فقد تم ذكر رجل أعمال جنوب أفريقي يدعى مسبيزي ملونزي، باعتباره العقل المدبر وأحد المتهمين الرئيسيين في “الفضيحة”.
وملونزي هو الممثل المعلن للشركة الجنوب أفريقية المسماة (TFM) التي اتهمت وزيرة الصحة سيلفيا ماسيبو بطلب رشوة، بعد أن ألغت الحكومة عقدها البالغ 100 مليون دولار لبناء مستشفيات.
وإلى جانب ملونزي، ذكر موقع “زامبيان أوبزرفر” أن السلطات الزامية ألقت القبض على شخص يدعى شادرك كاساندا، بتهمة الارتباط بالقضية، وهو “مجرم مطلوب لدول من بينها الصين بتهم احتيال”.
يأتي ذلك في وقت تباينت التكهنات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي حول جنسية الطائرة.
وأفادت منصة “متصدقش” عبر موقع “إكس” (تويتر سابقا)، أن الطائرة تحمل اسم (The Bombardier Global Express)، ومسجلة في جمهورية سان مارينو، مشيرة إلى أن مالك الطائرة T7-WSS مجهول، لكن تديرها شركة تدعى “Flying Group Middle East”، ومقرها في دبي بدولة الإمارات.
وأشارت المنصة إلى أن الطائرة سافرت بين عدة دول وعواصم عربية خلال الشهور الأخيرة منها: القاهرة ودبي والدوحة وطرابلس وبنغازي، استنادا إلى بيانات المواقع المتخصصة في نشر مسارات الطائرات، بينما ربط البعض رحلات الطائرة بتل أبيب كذلك.
فيما ذكرت منصة أخرى، أن هناك تزامنا في بعض الحالات بين تحركات الطائرة، وزيارات وفود أمنية رسمية مصرية إلى ليبيا وتونس والسعودية.
ولم يتأخر الرد المصري كثيرا، بعدما انتشرت قصة الطائرة، وأعلنت السلطات المصرية في 16 أغسطس/آب أن الطائرة لا تحمل الجنسية المصرية، وإنما توقفت مؤقتا (ترانزيت) بمطار القاهرة الدولي في وقت سابق.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية “أ ش أ” (رسمية) عن مصدر مطلع (لم تسمه) قوله، إن الطائرة المحتجزة في زامبيا وعلى متنها ملايين من الدولارات وكمية من المعادن والأسلحة والذخيرة هي “طائرة خاصة وخضعت للتفتيش والتأكد من استيفائها لكافة قواعد السلامة والأمن التي يتم تطبيقها على أعلى المستويات داخل كافة المطارات والموانئ المصرية” قبل الإقلاع صوب زامبيا.
ولم يشر المصدر إلى طبيعة حمولة الطائرة وقت وقوفها العارض في مطار القاهرة الدولي أو عدد من كانوا على متنها.
ووفق مصادر معنية، فإن طائرات الترانزيت التي تتوقف بالمطارات المصرية من أجل التزود بالوقود أو المواد الغذائية أو المؤن الأخرى المتعارف عليها، لا تخضع لعمليات تفتيش فيما يخص حمولتها.
إلا أن وثيقة بيانات صادرة عن شركة (IBIS Air) لخدمات الطيران الخاص والعارض، كشف عنها موقع “مدى مصر”، أظهرت أن الرحلة بدأت من مطار القاهرة في الساعة الـ10:30 من صباح اﻷحد 13 أغسطس الجاري، وخرجت من صالة 4 الخاصة بكبار الزوار، تحت إشراف شركة “Tiger Aviation” للخدمات الأرضية بالمطار.
وتابعت الوثيقة أن الطائرة كانت بقيادة الكابتن علي الصافي، ومساعده ديفيد دي لا كروز، ومضيفة واحدة.
وأشارت إلى أن استخدام شركة خدمات أرضية، والخروج من قاعة كبار الزوار، يشيران إلى أن ركاباً أو بضائع صعدوا إلى الطائرة من القاهرة.
والطيار علي الصافي، وفق حساب باسمه على موقع “لينكد إن”، فإنه يعمل طيارا حرا على موديل الطائرة المحتجزة نفسه، منذ مايو/أيار 2022، بعد عمله في عدد من شركات الطيران الإماراتية.
كذلك، قالت وثيقة (IBIS Air)، إنه كان مقرراً أن تصل الطائرة إلى العاصمة الزامبية لوساكا بعد أقل من 7 ساعات من إقلاعها من القاهرة، ثم تقلع من مطار “كينيث كاوندا الدولي” بعد 3 ساعات عائدة إلى القاهرة، لتصلها فجر الإثنين 14 أغسطس/آب.
وعلى الرغم من نفي مصر علاقتها بالواقعة، أعلن ناشطون وحقوقيون أنّ أجهزة الأمن المصرية اعتقلت، السبت الصحفي كريم أسعد، أحد أعضاء فريق تحرير منصة “متصدقش”، من منزله بمدينة الشروق، بعد مداهمة منزله والاعتداء عليه وعلى زوجته بالضرب والسب، بسبب ما نشرته المنصة من تفاصيل حول الواقعة.
وكانت منصة “متصدقش”، قد نشرت بياناً، تقول فيه إنّ صفحات المنصة على مواقع التواصل الاجتماعي تتعرض لاختراق أمني. وأشارت إلى تعرض فريقها من الصحافيين لهجوم أمني مواز للاختراق الإلكتروني. وحمّلت السلطات الأمنية في مصر مسؤولية سلامة فريقها.