المغرب يقبل مساعدات أربع دول للتعافي من الزلزال والحكومة تجتمع استثنائياً
يكابد ناجون من أعنف زلزال يتعرض له المغرب منذ أكثر من ستة عقود للحصول على الطعام والماء والمأوى، الأحد 10 سبتمبر/2023، بينما يستمر البحث عن المفقودين في قرى جبلية نائية يصعب الوصول إليها.
ويستعد كثيرون لقضاء ليلتهم الثالثة في العراء، بعد أن وقع الزلزال الذي بلغت قوته 6.8 درجة في وقت متأخر من الجمعة، فيما يواجه عمال الإغاثة تحدياً للوصول إلى القرى الأكثر تضرراً في منطقة الأطلس الكبير، وهي سلسلة جبال وعرة غالباً ما تكون المناطق السكنية فيها نائية، انهار الكثير من المنازل بها.
وذكر التلفزيون المغربي في أحدث إحصائية مساء الأحد، أن عدد قتلى الزلزال ارتفع إلى 2122 والمصابين إلى 2421.
وأعلن الناطق باسم الحكومة المغربية أن الحكومة ستعقد الإثنين اجتماعاً استثنائياً لتفعيل التعليمات الملكية بشأن الزلزال.
فيما قالت الحكومة إنها أسست صندوقاً لصالح المتضررين من الزلزال. وأضافت أنها عززت فرق البحث والإنقاذ وزادت من تقديم مياه الشرب وتوزيع الأغذية والخيام والأغطية.
في غضون ذلك، علقت وزارة التربية الوطنية والتعليم الدراسة في المناطق الأشد تضرراً بالزلزال.
كما أعلن المغرب الموافقة على عروض مساعدة أربع دول لدعم جهود الإنقاذ، عقب الزلزال وهي إسبانيا وقطر والمملكة المتحدة والإمارات.
بأيديهم أخرجوا الضحايا
وفي مولاي إبراهيم، وهي قرية قريبة من مركز الزلزال تبعد نحو 40 كيلومتراً إلى الجنوب من مراكش، وصف السكان كيف أخرجوا المتوفين من بين الحطام بأيديهم فقط.
وفي تل مطل على القرية دفن السكان سيدة تبلغ من العمر 45 عاماً توفيت هي وابنها البالغ من العمر 18 عاماً في الكارثة، بينما انتحبت امرأة لدى إنزال الجثمان إلى القبر.
وقال ساكن يدعى حسين وهو يحاول استعادة بعض أغراضه من بيته المتهدم، إنه يعتقد بأن كثيرين لا يزالون تحت الأنقاض قرب منزله. وأضاف: “لم يحصلوا على الإنقاذ الذي احتاجوه فماتوا. أنقذت أطفالي وأحاول أن أحصل على أغطية لهم أو أي ملابس يرتدونها من المنزل”.
وقال ياسين (36 عاماً) وهو من سكان مولاي إبراهيم: “فقدنا منازلنا وفقدنا ذوينا أيضاً، وننام مذ نحو يومين في الخارج”. وأضاف: “لا طعام ولا ماء.. فقدنا الكهرباء أيضاً”، مضيفاً أنه لم يتلقَّ سوى القليل من المساعدات الحكومية حتى الآن. وقال: “نريد فقط أن تساعدنا حكومتنا”، معرباً عن إحباط أبداه آخرون.
وفي وقت لاحق، أُفرغت حمولة شاحنة أغذية قال مسؤول محلي يدعى محمد الحيان إن الحكومة ومنظمات مجتمع مدني رتبت وصولها.
واستقبلت الوحدة الصحية الصغيرة لمولاي إبراهيم 25 جثة وفقاً لما قاله موظفون هناك.
وفي قرية أمزميز التي تضررت بشدة من الكارثة، وقف سكان يتابعون فرق إنقاذ وهي تستخدم حفاراً عند منزل منهار.
وقال عامل بناء متقاعد يدعى حسن: “يبحثون عن رجل وابنه. ربما أحدهما لا يزال على قيد الحياة”. لكن الفريق لم ينتشل إلا بعض الجثث.
وحشد الجيش جهوده للمساعدة في الإغاثة وأقام مخيماً لمن شرَّدتهم الكارثة. ومع تضرر أو إغلاق أغلب المتاجر يواجه السكان صعوبات جمة في الحصول على الأغذية وغيرها من المستلزمات الضرورية.
وقال العامل محمد نجار بينما كان يحاول تجهيز مأوى مؤقت: “ما زلنا بانتظار الخيام. لم نحصل على شيء بعد.. قدم لي رجل قليلاً من الطعام، وهذا كل شيء منذ الزلزال. لا يمكن أن ترى متجراً واحداً مفتوحاً والناس يخشون دخول أي بناية خشية انهيار السقف”.
وكان مركز الزلزال على بعد نحو 72 كيلومتراً جنوب غرب مراكش التي يعشقها المغاربة والسائحون الأجانب لما تتمتع به من مساجد وقصور ومبانٍ دينية تعود للقرون الوسطى يزينها بلاط الفسيفساء الزاهي وسط تداخل الأزقة الوردية.
مساعدات دولية
وقال التلفزيون المغربي إن العاهل محمد السادس وجَّه الشكر لإسبانيا وقطر وبريطانيا والإمارات على إرسالها مساعدات في أعقاب الزلزال المدمر الذي هزّ المملكة.
وقال التلفزيون الرسمي في منشور على منصة إكس للتواصل الاجتماعي: “السلطات المغربية أجرت تقييماً دقيقاً للاحتياجات في الميدان، آخذة بعين الاعتبار أن عدم التنسيق في مثل هذه الحالات سيؤدي إلى نتائج عكسية”.
جاء في المنشور “وتؤكد المملكة المغربية ترحيبها بكل المبادرات التضامنية من مختلف مناطق العالم”.
وقالت إسبانيا إنها تلقت الأحد، طلباً رسمياً من المغرب لتلقي المساعدة وإن فريقاً مؤلفاً من 56 فرداً وأربعة كلاب مدربة على البحث وصل للبلاد، بينما يتجه فريق آخر من 30 فرداً وأربعة كلاب إلى هناك.
وقالت بريطانيا إنها سترسل 60 متخصصاً في عمليات البحث والإنقاذ وأربعة كلاب، إضافة إلى أربعة أفراد للتقييم الطبي. وقالت قطر إن فريقاً للبحث والإنقاذ غادر متجهاً للمملكة.
وتوجهت مجموعة البحث والإنقاذ القطرية الدولية إلى المملكة المغربية للمساهمة في عمليات الإنقاذ والإغاثة بعد الزلزال الذي ضرب عدة أقاليم ومدن مغربية.
في الوقت نفسه، باشرت الفرق الميدانية لقطر الخيرية، تقديم الإغاثة العاجلة لمتضرري الزلزال الذي ضرب المغرب بالتزامن مع إطلاق المنظمة حملة “إغاثة عاجلة للمغرب” للتخفيف من آثار الزلزال.
وستشارك مجموعة الإنقاذ المعززة بآليات ومعدات متخصصة، في عمليات البحث والإنقاذ، بالإضافة إلى مساعدات إنسانية عاجلة للتخفيف عن المتضررين جراء الزلزال.
يأتي ذلك بعد أن وجه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بإرسال فرق إنقاذ ومساعدات طبية عاجلة إلى المملكة المغربية لدعم جهود الإغاثة جراء الزلزال.
وعبر الرئيس الأمريكي جو بايدن عن “حزنه على خسارة الأرواح والدمار” اللذين تسبب فيهما الزلزال. وأضاف في مؤتمر صحفي في هانوي بفيتنام: “مستعدون لتقديم أي مساعدة ضرورية للشعب المغربي”.
وأرسلت الولايات المتحدة فريقاً صغيراً من خبراء التعامل مع الكوارث للمغرب لتقييم الموقف. وقال مسؤول أمريكي إنهم وصلوا بالفعل الأحد.
وقالت فرنسا إنها مستعدة لمساعدة المغرب وإنها تنتظر طلباً رسمياً لذلك. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحفي على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي: “فرنسا مستعدة لتقديم مساعدات للمغرب إذا قرر المغرب أن ذلك مفيد”.
وأضاف: “السلطات المغربية تعرف بالضبط ما يمكن تقديمه وطبيعة (ما يمكن تقديمه) وتوقيته.. نحن في خدمتها. لقد جهزنا كل ما في وسعنا.. في اللحظة التي يطلبون فيها هذه المساعدات، سنرسلها”.
وتركيا من الدول الأخرى التي عرضت المساعدة بعد أن تعرضت لزلزال مدمر في فبراير أودى بحياة أكثر من 50 ألفاً. لكن الفريق التركي لم يغادر بعد إلى المغرب.
فيما قالت كارولين هولت مديرة العمليات العالمية للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر لرويترز: “سيكون اليومان أو الثلاثة المقبلة بالغة الأهمية فيما يتعلق بإنقاذ الأرواح من خلال العثور على المحاصرين تحت الأنقاض”.
وأضافت أن نظام الإغاثة الدولي ينتظر مبادرة من المغرب لتقديم المساعدة، مشيرة إلى أن هذا ليس أمراً مستغرباً في وقت لا تزال فيه الحكومة تقيّم احتياجاتها.
وأعلن المغرب الحداد ثلاثة أيام، ودعا الملك محمد السادس إلى إقامة صلاة الغائب من أجل المتوفين في مساجد المملكة.