لماذا بدأت حركة حماس عملية طوفان الأقصى؟
كشف مصدر فلسطيني رفيع المستوى على اتصال بالقيادة السياسية لحركة المقاومة الإسلامية حماس لموقع ميدل ايست أي البريطاني أن الدافع وراء هجوم 7 أكتوبر هو قلق حماس من أن اليهود اليمينيين المتطرفين كانوا يعتزمون تقديم حيوان كأضحية في موقع المسجد الأقصى، وبالتالي تمهيد الطريق لهدم ضريح قبة الصخرة وبناء الهيكل الثالث، حسبما قال المصدر.
أضاف المصدر أن حماس كانت تتابع عن كثب الخطط الإسرائيلية لإقامة وجود يهودي دائم داخل مجمع الأقصى. وكان اليهود اليمينيون المتطرفون يتواجدون يومياً في المسجد الأقصى، مع عمليتي توغل يومي في الصباح وبعد الظهر في جولات محمية من قبل الشرطة المدججة بالسلاح، واستمرت من 30 دقيقة إلى ساعة.
انتهاكات الصهاينة في القدس أحد دوافع حماس لطوفان الأقصى
وفقاً لبعض الطوائف الدينية المسيانية مثل معهد المعبد، يجب التضحية ببقرة حمراء لا عيب فيها لتطهير الأرض قبل إعادة بناء الهيكل الثالث. وقد تم استيراد أبقار ريد أنجوس من الولايات المتحدة لهذا الغرض. وقالت مجموعة “الهيكل الثالث” في وقت سابق من هذا العام إنها تأمل في ذبح خمس بقرات مستوردة خلال عطلة عيد الفصح العام المقبل، والتي توافق أبريل 2024.
وقال المصدر إن المسجد الأقصى قد قُسِّمَ بالفعل في الوقت المناسب، وأشار إلى أن المستوطنين قدموا “أضحيات نباتية” في الموقع. ويبدو أن هذه إشارة إلى التوغل الذي قام به عشرات المستوطنين قبل شهر حاملين سعف النخيل بمناسبة عيد سوخوت اليهودي.
وقال المصدر: “الشيء الوحيد المتبقي هو ذبح العجول الحمراء التي استوردوها من الولايات المتحدة. إذا فعلوا ذلك، فهذه إشارة لإعادة بناء الهيكل الثالث”.
تحذير من حماس لإسرائيل
كانت حماس قد حذرت إسرائيل بالفعل من أنها تلعب بالنار من خلال محاولتها وضع ترتيبات في الأقصى مماثلة لتلك الموجودة في الحرم الإبراهيمي في الخليل، والذي يتقاسمه المسلمون واليهود على حد سواء.
وحذرت جماعات فلسطينية أخرى، بما في ذلك السلطة الفلسطينية، إسرائيل من تغيير الوضع الراهن في المسجد.
في الأسابيع الثلاثة التي سبقت هجوم حماس، كانت هناك ثلاثة أعياد يهودية، تنتهي بسوخوت. وقال المصدر: “كان شعور حماس في غزة هو أن الأقصى كان في خطر وشيك”. كانت هناك أيضاً عوامل طويلة المدى مرتبطة بقرار شن الهجوم.
أزمة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال
قال المصدر إن مصير 5200 أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية يمثل “مسؤوليةً ثقيلة” على قيادة حماس.
أما الدافع الثالث وراء الهجوم، فهو غزة نفسها، بعد أن قضت 18 عاماً من الحصار منذ سحبت إسرائيل مستوطنيها من القطاع.
لقد تركت الولايات المتحدة والقوى الإقليمية غزة بلا حياة ولا موت، كما لو كانت غزة تقبع في الزاوية على أجهزة التنفس الاصطناعي، وتتدافع للحصول على الطعام أو المال أو مولد كهربائي. وقال المصدر إن الهجوم في 7 أكتوبر/تشرين الأول كان بمثابة رسالة كبيرة مفادها أن سكان غزة قادرون على كسر الحصار.
في سياق متصل، أضاف المصدر أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعهد فيها القادة الإسرائيليون بالقضاء على حماس، فكل حرب سابقة انتهت بالانسحاب الإسرائيلي. وأضاف أن قادة حماس يعترفون بأن حجم الدمار مختلف، لكنهم ما زالوا يعتقدون أن انسحاباً إسرائيلياً آخر سيكون هو النتيجة النهائية.
توقعات بتدمير نصف غزة
قال المصدر: “قد تدمر إسرائيل نصف غزة، ولكن أعتقد أن النتيجة ستكون واحدة في النهاية. ستكون مشكلة نتنياهو هي كيفية إنهاء المعركة بصورة جيدة لتقديمها للإسرائيليين. لكن لديه مشكلة كبيرة. وحتى لو نجح في هدفه الحربي المتمثل في القضاء على قيادة حماس في غزة، فإنه لا يزال يواجه أسئلة حول مسؤوليته عن هجوم 7 أكتوبر”.
ونفى المصدر احتمال تحقيق إسرائيل لهدفها الرئيسي. وقال إنه من المستحيل فعلياً القضاء على حماس بسبب حجم الجماعة وأتباعها في غزة. وأضاف: “حماس جزء من نسيج المجتمع. لديك المقاتلون وعائلاتهم. لديك الجمعيات الخيرية وعائلاتهم. لديك موظفو الحكومة وأسرهم. ضع ذلك معاً وستجد جزءاً كبيراً جداً من الناس”.
وفي حين أن حماس لم تتوقع رداً إسرائيلياً بهذا الحجم، فهي تمتلك شبكةً واسعة من الأنفاق، التي تمتد لمئات الكيلومترات، حسبما قال مصدر آخر لموقع Middle East Eye.
مشاركة حزب الله في الحرب
وبالتالي فإن فكرة توقف حماس عن العمل إذا خسرت مدينة غزة، التي تحاول القوات الإسرائيلية تطويقها، هي فكرة أقل احتمالاً. وبالمثل، فإن حماس لا تعتمد على انضمام حزب الله إلى الحرب، لكن الكثيرين داخل الحركة يرون أن مشاركتها أمر لا مفر منه. ويقولون إنه إذا سمح حزب الله بالقضاء على حماس، فلن يكون الأمر سوى مسألة وقت قبل أن تلتفت إسرائيل إلى الجماعة اللبنانية.
أضاف المصدر أن حماس لا تعتقد أنه يمكن إعادة الساعة إلى يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول عندما تنتهي الحرب وتبدأ غزة من جديد.
وقال: “قدم هجوم 7 أكتوبر رسالةً مباشرة ودقيقة مفادها أن الفلسطينيين لديهم القدرة على هزيمة إسرائيل والتخلص من الاحتلال. بالنسبة لحماس، أصبح هذا الأمر حقيقة الآن”.
وتعتقد حماس أن الهجوم يشكل انتهاكاً للميثاق القائم بين الجيش الإسرائيلي والشعب منذ إعلان الدولة عام 1948.
وكان الاتفاق غير المعلن هو أن يرسل الناس أبناءهم وبناتهم إلى الجيش وأن يقوم الجيش في المقابل بحماية البلاد.
أهالي غزة يختارون البقاء
بحسب المصدر، تعتقد حماس أن الصراع الحالي “دفع الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية نحو النصر والتحرير”. وقال: “أعتقد أن إسرائيل فقدت الكثير من الثقة في المستقبل”.
وأضاف أن حماس تعترف بالثمن الباهظ الذي يدفعه الناس في غزة. لكنها تعتقد أن معظمهم سيختارون البقاء، بدلاً من الفرار من النكبة الثانية، في إشارة إلى تهجير 750 ألف فلسطيني عام 1948 من وطن أجدادهم. بالنسبة لمعظم الناس، لا يوجد خيار: فحدود غزة مع مصر وحدودها مع إسرائيل مغلقة، وليس هناك مكان آمن من القصف.
وتعتقد حماس أن إسرائيل ارتكبت خطأً استراتيجياً فادحاً برفض مبادرات السلام العربية المتعددة التي كان من شأنها أن تؤدي إلى نهاية الصراع.
وقال المصدر: “كانت استراتيجيتهم هي الحصول على كل شيء. ولهذا السبب سوف يخسرون كل شيء”. وأضاف: “إنهم يقللون من شأن الفلسطينيين”. قال إنه بينما كانت العواصم الغربية تنتظر حقبة ما بعد حماس، كانت المقاومة الفلسطينية تنتظر بثقة حقبة تستطيع فيها العيش في دولة خاصة بها.
وأقر المصدر بأن الجيش الإسرائيلي يتمتع بميزة عسكرية ساحقة. لكنه أصر على أن نتائج الحرب لا تعتمد دائماً على توازن القوى. قال: “انظروا إلى فيتنام، انظروا إلى أفغانستان، انظروا إلى الجزائر. انظروا كيف انتهت هذه الحروب الاستعمارية”.