تمرد دبلوماسي عالمي بسبب الحرب على غزة
قتل الأطفال وحصار المستشفيات غير نظرة الغرب عن الحرب على غزة ،تواجه أمريكا الداعم الأول لإسرائيل زلزالاً دبلوماسياً ،تحرك وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، للتعامل مع الانتقادات المتزايدة داخل صفوف الوزارة بشأن سياسة إدارة الرئيس جو بايدن مع الحرب في غزة؛ إذ دعا مئات من موظفي الحكومة بشكل علني وفي أحاديث خاصة إلى وقف إطلاق النار في غزة.
وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى موظفي وزارة الخارجية أقر بلينكن، الذي عاد لتوه من رحلة استغرقت تسعة أيام إلى الشرق الأوسط وآسيا، بالأثر العاطفي الذي أحدثه الصراع على العاملين، وكذلك بالانقسامات المحتملة داخل القيادات حول السياسة.
إذ قال بلينكن في الرسالة التي حصلت عليها وكالة رويترز: “أعلم أن المعاناة التي سببتها هذه الأزمة بالنسبة للكثيرين منكم لها أثر كبير على المستوى الشخصي”، وأضاف: “المعاناة المصاحبة لرؤية صور يومياً للرضع والأطفال والمسنين والنساء وغيرهم من المدنيين الذين يعانون في هذه الأزمة أمر مؤلم. وأنا شخصياً أشعر بذلك”.
وتابع المسؤول الأمريكي في رسالته: “أعلم أيضاً أن بعض الأشخاص في الوزارة قد يختلفون مع الأساليب التي نتبعها أو لديهم وجهات نظر حول ما يمكننا القيام به بشكل أفضل. لقد نظمنا منتديات في واشنطن للاستماع إليكم، وشجعنا المديرين والفرق على إجراء مناقشات صريحة مع العاملين حول العالم على وجه التحديد، حتى نتمكن من سماع تعليقاتكم وأفكاركم. لقد طلبت من قيادتنا العليا الاستمرار في القيام بذلك”.
وتأتي رسالة بلينكن وسط احتجاجات في الولايات المتحدة ودول أخرى تطالب بوقف إطلاق النار، وقلق واسع النطاق بين المسؤولين بشأن تعامل الولايات المتحدة مع أزمة الشرق الأوسط. وأعلن أحد مسؤولي وزارة الخارجية استقالته وقال إنه يعارض استمرار تقديم مساعدات لإسرائيل تتسبب في سقوط قتلى، على حد قوله.
كما طالبت مجموعة من منظمات المجتمع المدني بالولايات المتحدة إدارةَ الرئيس جو بايدن بالتوقف عن تزويد إسرائيل بقذائف المدفعية، في تأكيد للضغوط المتزايدة التي تواجهها واشنطن بسبب دعمها للعدوان الإسرائيلي على غزة، .
وفي رسالة إلى وزير الدفاع، لويد أوستن، أعربت أكثر من 30 منظمة إغاثية وحقوقية ودينية مقرها الولايات المتحدة، مثل منظمة “أوكسفام أمريكا” ومنظمة “العفو الدولية” و”مركز المدنيين في الصراع” (CIVIC)، عن قلقها إزاء اعتزام البنتاغون تزويد قوات الدفاع الإسرائيلية بقذائف مدفعية عيار 155 ملم من مخزون أسلحة أمريكية خاص في إسرائيل.
تقويض حماية المدنيين
وكتبت مجموعة المنظمات في خطابها: “في ظل الظروف الحالية، فإن منح حكومة إسرائيل هذه الذخائر سيقوّض حماية المدنيين، واحترام القانون الإنساني الدولي، ومصداقية إدارة بايدن. وباختصار، من الصعب تصوّر سيناريو يمكن فيه استخدام قذائف مدفعية شديدة الانفجار من عيار 155 ملم في غزة بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني”.
وفي خطابها إلى أوستن، نوّهت المنظمات بالظروف الإنسانية شديدة التدهور في غزة، حيث يواجه السكان صعوبة شديدة في الحصول على الغذاء والماء والكهرباء.
وأشارت المنظمات أيضاً إلى تأييد الحكومة الأمريكية للإعلان الدولي لعام 2022 الذي يهدف إلى الحد من استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق الحضرية، وأشارت إلى إطلاق إسرائيل عشرات الآلاف من قذائف المدفعية في صراعاتها السابقة مع حماس في 2008-2009 و2014.
وكتبت المنظمات: “هذه الذخائر تضرب المدارس والأحياء والمستشفيات والملاجئ ومخيمات اللاجئين، ما يسفر عن مقتل وجرح وتشريد عشرات المدنيين. واستخدام الجيش الإسرائيلي في السابق للمدفعية في غزة يؤكد مخاوفنا”.
غضب فرنسي من ماكرون
وجه عدد من سفراء فرنسا في الشرق الأوسط رسالة احتجاج إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعربوا خلالها عن أسفهم لانحيازه لإسرائيل، وفق ما نقله موقع سكاي نيوز عن صحيفة لوفيجارو الفرنسية.
واعتبر السفراء الفرنسيون “انحياز ماكرون لإسرائيل بمثابة قطيعة مع موقف باريس التاريخي المتوازن تجاه الإسرائيليين والفلسطينيين”، حسب لوفيجارو.
واتسم موقف ماكرون منذ بداية العدوان على غزة بالانحياز إلى إسرائيل، حتى أنه طالب خلال زيارة لتل أبيب بتشكيل تحالف دولي لمحاربة حماس، على غرار التحالف الدولي لمواجهة داعش، ثم عاد ماكرون خلال الأسبوع الماضي لخطاب أكثر توازنًا انتقد قتل إسرائيل للمدنيين في غزة، قبل أن يتراجع عنه مجددًا، ويقول في اتصال مع مسؤول إسرائيلي أول من أمس، إنه “لا يحمّل إسرائيل مسؤولية تعمد إلحاق الأذى بالمدنيين الأبرياء في الحملة التي تقودها ضد حركة حماس”.
وقالت لوفيجارو إن “نحو 10 سفراء فرنسيين في الشرق الأوسط وبعض بلدان المغرب الكبير وقعوا بشكل جماعي على مذكرة يعربون فيها عن أسفهم لسقوط ماكرون في معسكر إسرائيل خلال الحرب الجارية بين إسرائيل وحماس”.
واعتبرت الصحيفة الفرنسية المذكرة “بمثابة تمرد دبلوماسي”. ووصفتها بأنها “خطوة غير مسبوقة في تاريخ فرنسا الدبلوماسي الحديث مع العالم العربي”.
وأوضح دبلوماسي في باريس، اطلع على المذكرة، أنه جرى توجيهها إلى وزارة الخارجية لترفعها بدورها إلى قصر الإليزيه، حسب لوفيجارو.
وشهدت باريس مظاهرات حاشدة على مدار الأسابيع الماضية لدعم غزة، والمطالبة بوقف إطلاق النيران وانتقاد الموقف الفرنسي الرسمي من العدوان.
غزة تطيح بوزيرة داخلية بريطانيا
أقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك وزيرة الداخلية المثيرة للجدل سويلا برافرمان، وجاءت الإقالة ضمن تعديلات يجريها سوناك على فريقه قبل الانتخابات العامة المتوقعة العام المقبل. وشملت تعيين جيمس كليفرلي وزيرا للداخلية خلفا لسويلا برافرمان، وتعيين رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون وزيرا للخارجية. وتعرّض سوناك لضغوط متزايدة لإقالة برافرمان بعدما اتهمها منتقدوها بتأجيج التوترات خلال أسابيع من المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين والاحتجاجات المضادة في المملكة المتحدة.
وقبل أسبوع كتبت الوزيرة المقالة مقالاً مثيراً للجدل اتهمت فيه الشرطة بالتحيز.