كيف ستسلم حماس الأسرى لإسرائيل؟ وكيف أُجبر نتنياهو على الرضوخ لشروط الصفقة؟
كشف مسؤولان في الإدارة الأمريكية، عن أن قطر والولايات المتحدة وإسرائيل شكلت “خلية سرية صغيرة” أدارت عملية تفاوض شاقة ومعقدة قادت إلى اتفاق بين تل أبيب وحركة “حماس” لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب تقرير لموقع “بوليتيكو” الأمريكي (politico)
والأربعاء، أعلنت “حماس” وإسرائيل وقطر عن صفقة سيتم الإعلان عنها خلال 24 ساعة من بين بنودها: إطلاق “حماس” سراح 50 أسيرا إسرائيليا من الأطفال والنساء مقابل إطلاق إسرائيل سراح 150 أسيرا فلسطينيا من الأطفال والنساء أيضا، بالإضافة إلى وقف إطلاق النار لمدة 4 أيام في غزة.
وقال مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لم يكشف الموقع عن هويته، إن “قطر، الحليف الوثيق للولايات المتحدة والتي تتمتع بنفوذ على حماس، اتصلت بالبيت الأبيض بعد وقت قصير من يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول الماضي) ونقلت معلومات عن الأسرى الذين احتجزتهم الحركة للتو”.
وردا على اعتداءات الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني، أسرت “حماس” في ذلك اليوم داخل مستوطنات محيط غزة نحو 239 إسرائيليا، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني بسجون الاحتلال.
وأضاف المسؤول أن “قطر اقترحت تشكيل خلية صغيرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل للعمل في قضية الأسرى، ولجأ مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إلى اثنين من كبار مساعديه، هما (بريت) ماكجورك (كبير مستشاري بايدن لشؤون الشرق الأوسط) وجوش جيلتزر، نائب مساعد الرئيس في مجلس الأمن القومي، ونسقوا معا بشأن أفضل السبل للتوصل إلى اتفاق مع حماس”.
و”هذه الجهود حققت أول انتصار في 23 أكتوبر، حين أطلقت حماس سراح الأمريكيتين ناتالي وجوديث رانان وهي أم وابنتها، ما أثبت أن الحركة يمكنها إطلاق المزيد من الأسرى”، كما أردف المسؤول.
وتابع: “في اليوم التالي، أرسلت حماس رسالة عبر قنواتها إلى الخلية بأنه يمكن إطلاق نساء وأطفال أسرى. لكن المشكلة هي أن عبورهم الآمن إلى الخارج لا يمكن تأمينه إلا إذا لم تشن إسرائيل غزوها البري لغزة”.
ومنذ 47 يوما، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت أكثر من 14 ألفا و128 قتيلا فلسطينيا، بينهم أكثر من 5 آلاف و840 طفلا و3 آلاف و920 امرأة، فضلا عن أكثر من 33 ألف مصاب، 75% منهم أطفال ونساء، وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
الهجوم البري
وبحسب مسؤول كبير ثانٍ في إدارة بايدن، “طرح المسؤولون الإسرائيليون أسئلة صعبة حول ما إذا كان ينبغي تأجيل الهجوم البري أم لا لإعطاء فرصة للصفقة”.
وأردف: “لكنهم قرروا أن الشروط لم تكن حازمة بما يكفي لتأخير الغزو البري (بدأ في 27 أكتوبر الماضي)، ولم توافق الولايات المتحدة ولا إسرائيل على التوصل إلى اتفاق دون ضمان أن حماس ستسمح للأسرى بالرحيل”.
وأفاد المسؤول بأن “خطة الغزو تم تكييفها لتكون تدريجية ومصممة لدعم التوقف المؤقت إذا تم التوصل إلى اتفاق”.
وأضاف أن “حماس” قدمت معلومات عن 50 أسيرا، ونقل بايدن وجهة نظره إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اتصال هاتفي، في 14 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ووافق الأخير على المضي قدما في الأمر.
المسؤول الامريكي قال إنه “في ذلك اليوم، طارد نتنياهو ماكجورك، وأخبره بمدى أهمية إنجاز إسرائيل للاتفاق. الشعب الإسرائيلي ينتقد نتنياهو لفشله في تأمين البلاد من حماس وفشله في إعادة الأسرى.. بالنسبة لنتنياهو، كان الاتفاق ضرورة سياسية وليست أخلاقية”.
وزاد بأن “إسرائيل قطعت الاتصالات داخل غزة خلال عملياتها العسكرية؛ مما جعل من الصعب نقل أي معلومات من وإلى حماس، التي هددت بإنهاء المفاوضات بالكامل بعد دخول الجيش الإسرائيلي إلى مستشفى الشفاء في شمال غزة؛ بزعم أن الحركة تستخدمه كمركز قيادة”.
وأفاد بأنه “لم يتم استئناف المحادثات إلا بعد أن نقلت إسرائيل عبر الخلية رسالة إلى حماس مفادها أن الجيش الإسرائيلي سيسمح باستمرار تشغيل المستشفى”.
تعليقات حماس
لكن بايدن شعر أن الوقت لتحقيق شيء ما بدأ ينفد، واتصل بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وأبلغه بأن ماكجورك سيكون بالدوحة في اليوم التالي ويمكنهم مراجعة النص النهائي للاتفاق المقترح، كما زاد المسؤول الأمريكي الثاني.
وأضاف أنه قبيل وصول ماكجورك تلقت قطر من “حماس” تعليقات على الصفقة المقترحة، وتم الاتصال بمدير وكالة الاستخبارات الأمريكية بيل بيرنز، الذي كان في جولة إقليمية وكان القناة الرئيسية مع “الموساد”.
و”في صباح اليوم التالي، كان ماكجورك في القاهرة للقاء رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، وبينما كانا يتحدثان، دخل مساعد مصري حاملا رسالة مفادها أن قادة حماس في غزة قبلوا تقريبا كل ما تم التوصل إليه بالدوحة في الليلة السابقة”، بحسب المسؤول الأمريكي.
وتابع: “عاد ماكجورك إلى إسرائيل في 19 نوفمبر الجاري، للتحدث أمام مجلس الوزراء الحربي، ونقل الصفقة المطروحة ورد فعل حماس عليها. وفي ذلك المساء، أبلغ مسؤولون إسرائيليون كبار واشنطن أنهم وافقوا على الاتفاق مع تغييرات طفيفة، فأرسلت قطر النسخة إلى حماس، وأكدت لها أن هذا هو العرض الأخير”.
و”كانت هناك حركات بسيطة ذهابا وإيابا خلال الـ 48 ساعة التالية، ولكن أصبح من الواضح أن جميع الأطراف ستقبل الاتفاق. وفي 21 نوفمبر الجاري، أعطت حماس الضوء الأخضر، ثم وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي، كما توقع كل فرد في الخلية”، كما ختم المسؤول الأمريكي.
كيفية استلام الأسرى
وسيتم تسليم الرهائن الإسرائيليين إلى الصليب الأحمر الذي سينقلهم إلى منطقة رفح، وهناك برعاية من الوسطاء المصريين والقطريين والأميركيين يتم نقلهم إلى الجانب الإسرائيلي.
وعند تسلمهم من طرف الجيش الإسرائيلي، تبدأ إسرائيل بالإفراج عن الأسيرات والأطفال الفلسطينيين وفق العدد المتفق عليه، بمعدل أسير إسرائيلي مقابل 3 أسرى فلسطينيين