نيويورك تايمز: السيسي رئيس مصر لولاية ثالثة رغم سوء إدارته وتجاهله أزماتها
قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن عبدالفتاح السيسي حظي بولاية رئاسية ثالثة في بلاده تمتد لمدة 6 سنوات، بالرغم من سوء إدارته لها وتجاهله لأزماتها على مدار عقد من الزمن، التي تركت الكثير من المصريين غير قادرين على تحمل تكاليف شراء اللحوم أو الرسوم المدرسية لأطفالهم.
وذكرت الصحيفة أن السيسي الذي يقدم نفسه كزعيم قوى في منطقة غير مستقرة، بدى في كثير من الأحيان في مواجهة أزمات مصر المتفاقمة خلال فترتي ولايته، كأنه يتدلى من أصابعه نحو الهاوية.
فمن إدانات دولية تعرض لها السيسي قبل 10 أعوام عندما وزيرا للدفاع عقب مجزرة رابعة العدوية، وقتل القوات الأمنية لنحو 800 معارضا في يوم واحد، بعد انقلابه على الرئيس المنتخب محمد مرسي، إلى الانهيار الاقتصادي الذي حدث خلال الأشهر الـ 21 الماضية، ظل السيسي بلا فاعلية حقيقة لإنقاذ المصريين.
وعلى الرغم من أن صندوق النقد الدولي عرض خطة إنقاذ للمساعدة في تغطية الديون الهائلة التي تراكمت مصر بسبب خلال حكم السيسي، يبدو أن المقرضين والمصريين على حد سواء بدأوا يفقدون صبرهم بسرعة تجاه ما وصفه الخبراء بالإدارة المدمرة للرئيس صاحب الخلفية العسكرية.
وأشارت الصحيفة أن السيسي يعود اليوم لرئاسة مصر، بعدما أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات الإثنين فوزه بولاية ثالثة تستمر حتى العام 2030، محققا نسبة 89,6% من إجمالي الأصوات الصحيحة التي بلغت 44,2 مليون صوت.
ويعتبر الكثير من المصريين السيسي بمثابة حصن ضد الإرهاب وعدم الاستقرار، بما في ذلك المواطنون القلقون بشأن التشدد في الداخل والقلق من أن بلادهم ستواجه نفس مصير سوريا أو اليمن.
كما أثبتت الدول الغربية أيضًا استعدادها للتغاضي عن نفورها من انتهاكاتها لحقوق الإنسان وإسكات المعارضة من أجل الشراكة معه ضد التطرف العنيف والهجرة.
ووفق الصحيفة، لم يشك أحد في النتيجة، نظرا لكل المزايا التي تتمتع بها قبضته الاستبدادية على البلاد.
وجاءت ميزة إضافية من الحرب في غزة المجاورة، والتي سمحت للسيسي بتصوير نفسه كزعيم قوي في الداخل والخارج، تمامًا كما فعل بعد الصراعات في ليبيا، والسودان، وسوريا، وخارجها.
هذه هي الخريطة الجيوسياسية المضطربة للشرق الأوسط، وهي عبارة عن حريق متعدد الجبهات جعل السيد السيسي، بطريقته العنيدة، يبدو وكأنه صخرة من الاستقرار.
ومرارا وتكرارا، عززت الجغرافيا تلك الذريعة لصالح السيسي، فإلى الغرب من مصر يوجد الصراع الليبي الذي لا ينتهي، وإلى الجنوب منها هناك إراقة الدماء الضروس في السودان.
تتكشف الهجمات الإسرائيلية على غزة عبر الحدود الشرقية لمصر. وفي الشمال يقع البحر الأبيض المتوسط، وبعد ذلك مباشرة تقع أوروبا، التي يشعر قادتها بالذعر إزاء احتمال ظهور موجة جديدة من المهاجرين.
وتسيطر مصر أيضا على قناة السويس، وهي واحدة من أهم الممرات الملاحية في العالم.
وفي هذا الصدد، قال رباب المهدي، أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة إن “السيسي يحصل على فرصة كبيرة، فقط بسبب موقع البلد الذي يحكمه”
وأضافت أن الرئيسين المصريين السابقين جمال عبدالناصر وأنور السادات أصبحا من الشخصيات العالمية لنفوذهما في المنطقة، لكن السيسي على النقيض من ذلك، لم يقدم أي رؤية للشرق الأوسط بعد أزمة الحرب في غزة باستثناء التفاهات.
وذكرت الصحيفة أنه بالرغم من ذلك فإن مصر كانت، وستظل، ذات أهمية كبيرة.
وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية الأسبق نبيل فهمي “عمرنا 7000 عام.. نحن لا نعمل وفق المقاطع الصوتية”
وإضافة لذلك فإن مركزية مصر -والعواقب المترتبة على الانهيار المالي في بلد يبلغ عدد سكانه 106 مليون نسمة – لم تغب عن أعين الشركاء الدوليين.
وقال صندوق النقد الدولي مؤخرا إنه يجري محادثات مع مصر لزيادة القرض البالغ ثلاث مليارات دولار الذي قدمته العام الماضي. ويعمل الاتحاد الأوروبي على تسريع وتيرة التمويل لمصر بنحو 10 مليارات دولار.
ومع ذلك، فقد حذر المحللون والناشطون منذ فترة طويلة من أن دعم السيسي الذي يقدم مزيجا من القمع السياسي الخانق وسوء الإدارة الاقتصادية هو استثمار سيئ.
وذكرت الصحيفة أن نظام السيسي يماطل في تلبية أي طلبات صندوق النقد بإصلاح المشاكل الهيكلية للاقتصاد، لاسيما فيما يتعلق بتخفيف القبضة العسكرية الخانقة على الاقتصاد لتحفيز نمو القطاع الخاص.
وقالت الصحيفة إن المحلليين يرون أن مماطلة السيسي لتلبية مطالب الصندوق ترجع إلى عدم رغبته أو عدم قدرته على الحد من الامتيازات المربحة للجيش.
وقال تيموثي إي. كالداس، نائب مدير معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط ومقره واشنطن: “إن استقرار نظام السيسي ليس استقرارا”.
وأضاف “مع مرور كل عام، وعلى الرغم من كل الدعم الذي يتلقاه، يتدهور مستوى معيشة المصريين.”