مصر تستعد لقرار الفائدة وسط ترقب خفض العملة ورفع قرض الصندوق
أصبحت أول زيادة لأسعار الفائدة في مصر منذ أغسطس الماضي قريبة أكثر من أي وقت مضى، على الرغم من أن تباطؤ التضخم وترقب خفض قيمة الجنيه المصري الذي طال انتظاره ربما يعني أن تلك الخطوة قد تؤجل حتى عام 2024.
اليوم، وبعد ظهور نتائج الانتخابات وفوز عبد الفتاح السيسي بولاية رئاسية جديدة، تتجه كل الأنظار نحو الخطوات التالية التي ستتخذها الدولة الواقعة في شمال أفريقيا للتغلب على أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها منذ عقود. وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن خطوة رفع قيمة برنامج الإنقاذ الخاص بمصر قد تكون قريبة، فيما تتوقع مؤسسات “وول ستريت” بشكل شبه مؤكد خفضاً جديداً للجنيه المصري خلال الأسابيع المقبلة.
لكن في ظل عدم احتمال اتخاذ أي من هذه الخطوات قبل يناير المقبل، توقع 9 من 13 اقتصادياً شاركوا في استطلاع أجرته بلومبرغ أن يُبقي البنك المركزي المصري سعر الفائدة الرئيسي على الودائع من دون تغيير عند مستوى قياسي يبلغ 19.25% في اجتماع اليوم الخميس، فيما يقدّر باقي الاقتصاديين إقرار زيادة تتراوح بين 100 و300 نقطة أساس.
نتائج رفع أسعار الفائدة المصرية
قال سايمون ويليامز، الخبير الاقتصادي لمنطقة أوروبا الوسطى والشرقية والشرق الأوسط وأفريقيا في مجموعة “إتش إس بي سي القابضة” المصرفية: “لا أتوقع تحقيق مكاسب كبيرة من وراء رفع أسعار الفائدة في هذه المرحلة”. ورجّح أن يتريّث البنك المركزي “حتى يُسمح بتغييرات جديدة في سوق العملات الأجنبية، ومن ثم يُقرّ رفع أسعار الفائدة جنباً إلى جنب مع تلقي دعم صندوق النقد الدولي”.
مع ذلك، يتوقع عدد من الجهات تطبيق مزيد من التشديد النقدي في مصر، بما فيها بنك “غولدمان ساكس”، مما يسلط الضوء على الحسابات المعقدة التي توازنها الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في الشرق الأوسط. بعدما واجهت خطراً مالياً جسيماً خلال العام الجاري.
على الجانب الآخر، عززت مصر نفوذها الجيوسياسي مع احتدام الحرب بين إسرائيل وحماس على حدودها، وهو ما يزيد بدوره احتمالات حصولها على تمويل جديد.
زيادة قرض صندوق النقد إلى مصر
وافق صندوق النقد الدولي على حزمة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار لمصر قبل عام، على الرغم من أنه لم يتم صرف سوى القليل منها حتى الآن، وربما يكون الآن على استعداد لمضاعفة المبلغ، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
يحرص الصندوق على حماية الاقتصاد الذي يحصل على قدر كبير من النقد الأجنبي من خلال رسوم السياحة وقناة السويس. وقد تكون عوائد مصر من قناة السويس -التي تصل عادة إلى مليارات الدولارات سنوياً- مهددة بسبب الهجمات الأخيرة في البحر الأحمر التي تتسبب في توقف العديد من شركات الشحن عن استخدام الممر المائي.
حثت المديرة التنفيذية للصندوق، كريستالينا غورغييفا، مصر على تخفيف القيود المفروضة على العملة، ولكن يبدو أنها خففت من حدّة وجهة نظرها في وقت سابق من ديسمبر. واقترحت محاربة السلطات للتضخم، الذي يبلغ الآن حوالي 35% بعد تباطئه لمدة شهرين متتاليين، قبل معالجة سعر الصرف.
استقرار سعر صرف الجنيه المصري
تتحمل أسعار المستهلك العبء الأكبر من ثلاثة تخفيضات في قيمة العملة منذ أوائل عام 2022. وجرى تداول الجنيه المصري بسعر 30.9 جنيه للدولار في البنوك في معظم الأوقات خلال العام الجاري، لكن سعره في السوق السوداء أقل بنسبة 36% تقريباً (50 جنيهاً مصرياً مقابل الدولار). وهذا هو المستوى ذاته الذي يتوقع المستثمرون أن ينخفض إليه خلال 12 شهراً مقبلة.
بالنسبة إلى محمد أبو باشا، رئيس قسم الأبحاث في بنك الاستثمار “إي إف جي إيرميس” (EFG Hermes) ومقره القاهرة، كانت تعليقات غورغييفا بمثابة “تغيير لقواعد اللعبة”، ومن المرجح أن يتبعها تشديد وجهود لتخفيف تراكم طلبات مصر على العملة الأجنبية. كما يتوقع ارتفاعاً في سعر الفائدة يصل إلى 300 نقطة أساس
قد تظهر زيادة أسعار الفائدة أيضاً أن مصر تقوم بـ”تطبيع السياسة النقدية قبل التوصل إلى اتفاق جديد متوقع مع صندوق النقد الدولي”، وفقاً لفاروق سوسة، الخبير الاقتصادي لدى “غولدمان”.
لكن على الرغم من أن تصريحات رئيسة صندوق النقد الدولي أضافت مزيداً من الغموض إلى قرار لجنة السياسة النقدية، فإن معظم المحللين يرون تأثيراً هامشياً لها على الجدول الزمني النهائي لخفض قيمة العملة المصرية.
وقال جان ميشال صليبا، الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “بنك أوف أميركا”: “نحن، إلى جانب إجماع السوق، نتوقع تخفيف البنك المركزي قبضته المحكمة على الجنيه في الربع الأول من عام 2024. وأرجّح تعديل المركزي سياساته النقدية في أعقاب أي تخفيض لقيمة العملة مباشرة”.