دولار السوق الموازية يلامس 55 جنيهًا لأول مرة على الإطلاق
ارتفع سعر الدولار بالسوق الموازية ” السوق السوداء” إلى مستوى قياسي جديد خلال الساعات القليلة الماضية، حيث يأتي ذلك بالتزامن مع ارتفاعات غير مسبوقة بأسعار الذهب في السوق المحلية.
جاءت هذه الارتفاعات القوية لدولار السوق الموازية والذهب متأثرة بزيادة الطلب عليهما خلال الأيام القليلة الماضية، حيث ترجع هذه الزيادة في الطلب إلى عدة عوامل نذكرها فيما يلي.
تواجه مصر ضغوطًا بسبب نقص العملات الأجنبية خلال الفترة الأخيرة، حيث تخارجت استثمارات أجنبية غير المباشرة من البلاد بقيمة 22 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الماضي، نتيجة للتأثيرات السلبية للتوترات العالمية الناجمة عن الصراع الروسي الأوكراني.
سجل سعر الدولار ارتفاعًا بنسبة 96% رسميًا في البنوك المصرية خلال الـ 21 شهرًا الماضية عبر ثلاث تخفيضات متتالية لقيمة الجنيه خلال العامين الحالي والماضي.
أسباب ارتفاع دولار السوق الموازية والذهب
صدرت إجراءات المركزي المصري في مستهل هذا الأسبوع بشأن تشديد رقابي للتدفقات النقدية الداخلة للبنوك من الدولار. فيما قرر بعض البنوك المصرية تقييد حركة المدفوعات الدولارية لبطاقات الائتمان المصرية الصادرة منذ ستة أشهر أو أقل.
جاءت الضوابط الجديدة من المركزي لتضع ضوابط رقابية تخص تدفقات الدولار وهي بذلك تلغي ما صرحت به السلطة المصرية في يوليو الماضي بحرية إيداع العملات الصعبة في البنوك المصرية بدون إيضاح مصدر الأموال، في خطوة من الحكومة لتيسيير ضخ سيولة دولارية في البنوك
وتشمل الضوابط الجديدة بحسب ما ذكره بيان المركزي عمليات الإيداع أو السحب بمبالغ نقدية كبيرة أو متكررة، غير المتوافقة مع المعلومات المتوفرة عن العميل، وعمليات الإيداع التي يقوم بها أشخاص أو جهات مختلفة في حسابات أحد العملاء لغرض غير واضح أو دون وجود علاقة بين هؤلاء الأشخاص أو هذه الجهات وبين العميل تبرر تلك العمليات، وكذلك عمليات شراء وبيع العملات الأجنبية بمبالغ كبيرة نقدًا أو متكررة دون مبرر واضح.
على الجانب الآخر، قررت عدة بنوك مصرية تعليق استخدام البطاقات الائتمانية الجديدة في الخارج لفترة تصل إلى 6 أشهر من تاريخ إصدارها، في حين اكتفت بنوك أخرى بتقديم قرار مشابه لمدة 3 أشهر فقط.
تأتي هذه الخطوات في إطار تنفيذ القيود التي وضعتها البنوك، استجابةً لتوجيهات البنك المركزي المصري، بهدف وقف سوء الاستخدام الذي تم رصده في التعاملات بالعملة الأجنبية، سواء داخل أو خارج البلاد، من خلال استخدام البطاقات الائتمانية.
كان البنك المركزي المصري قد اتخذ قرارين مهمين في أكتوبر الماضي بشأن نطاق استخدام البطاقات البنكية. القرار الأول كان تقييد استخدام بطاقات الخصم المباشر الصادرة بالعملة المحلية للاستخدام داخل حدود مصر فقط. فيما كان القرار الثاني هو وضع حد أقصى شهري لاستخدام البطاقات الائتمانية في التعاملات الدولية وفقا لما يقرره كل بنك، بحسب بيان من البنك المركزي. وهم القرارين اللذين تسببا في ارتفاع قياسي للدولار بالسوق السوداء آنذاك.
جاءت ارتفاعات دولار السوق السوداء والذهب أيضًا مدفوعة بتوقعات تعويم الجنيه المصري مطلع العام القادم، حيث رفع بنك HSBC توقعاته لسعر الدولار مقابل الجنيه في الربع الأول من عام 2024. هذه التوقعات تشير إلى خفض متوقع لقيمة العملة المحلية، مما يعني أن سعر الدولار قد يتراوح بين 40 و45 جنيهًا، وهذا يعد تغييراً عن توقعات سابقة للبنك التي كانت تتراوح ما بين 35 و40 جنيهًا.
فيما توقعت مؤسسة (موديز أناليتكس – Moody’s Analytics) تخفيضًا إضافيًا كبيرًا في قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، دون أن تحدد نسبة الخفض، حيث يأتي ذلك مع توجه الحكومة نحو تطبيق نظام مرن لسعر الصرف بشكل تدريجي، وهو ما سيؤدي إلى استمرار متوسط التضخم فوق 24% في العام المقبل، مع ارتفاع أسعار الفائدة.
وقبل أيام، توقع بنك “مورغان ستانلي” أيضًا أن تقوم السلطات المصرية بتخفيض جزئي لقيمة الجنيه خلال الربع الأول من العام المقبل، حيث سيصل إلى حوالي 39 جنيهًا مقابل الدولار، بدلاً من التعويم الكامل لسعر الصرف.
على الجانب الآخر، نجد أيضًا أن سعر الذهب محليًا في مصر يتأثر بالأسعار العالمية، حيث اقتفى السعر المحلي أثر السعر العالمي الذي حقق منذ أيام مستويات قياسية جديدة بفعل توقعات خفض الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي بداية من العام المقبل.
أكد المدير التنفيذي لمنصة آي صاغة، سعيد إمبابي، أن ارتفاع أسعار الذهب خلال فترة العطلة يُظهر وجود مضاربات وتلاعبات تهدف إلى رفع الأسعار، مُشيرًا إلى تسعير الذهب بسعر الدولار في السوق الموازية بأكثر من 52 جنيهًا للدولار الواحد.
وأرجع عضو شعبة الذهب في غرفة تجارة القاهرة، سامح عبد الحكيم، ارتفاع أسعار الذهب إلى “الطلب الكبير على المعدن الأصفر وحركة الدولار في السوق الموازية، بالإضافة إلى سعر أونصة الذهب في البورصة العالمية، حيث دعمت جميع هذه العوامل ارتفاع أسعار الذهب في مصر مؤخرًا”، وفقًا لتصريحاته لصحيفة “اليوم السابع”.
السوق السوداء للدولار
ظل سعر الصرف الرسمي ثابتا عند حوالي 30.90 جنيهًا للدولار، بينما ارتفع سعر الدولار بالسوق السوداء خلال الساعات الماضية إلى مستويات قياسية جديدة، حيث يتم تداوله بالقرب من مستوى 55 جنيهًا للدولار الواحد، فيما تتراوح التداولات بين 53 إلى 55 جنيهًا للدولار.. وكان أعلى سعر وصل إليه الدولار بالسوق الموازية في مصر هو 54 جنيهًا.
وبشكل عام، يتراجع الدولار، والعملات الأجنبية، في السوق السوداء كلما كانت هناك أنباء مطمئنة حول وضع الاقتصاد المصري، أو صدور توقعات من مؤسسات وبنوك دولية إيجابية بشأن مستقبل الجنيه، حيث يرتفع العرض ويقل الطلب في هذه الحالة. والعكس صحيح، يرتفع سعر الدولار والعملات الأجنبية ويزداد الطلب كلما كانت الأنباء سلبية وغير مطمئنة بشأن الاقتصاد ومستقبل الجنيه.
على الجانب الآخر، سجل سعر عيار ذهب 21 اليوم نحو 3320 جنيهًا للجرام الواحد، وهو العيار الأكثر مبيعًا في مصر. فيما وصل عيار ذهب 24 إلى 3780 جنيهًا للجرام.