محلي

إسرائيل تستغل الضغوط الأمريكية على مصر لإحياء مشروع قديم على الحدود

كشف مصدر مصري مطلع على المحادثات الأمنية بين المسؤولين في مصر وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، بشأن الوضع في قطاع غزة، عن “مباحثات مستمرة منذ نحو أسبوعين، في أوساط اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة بين الجانبين، والمعنية بأمن المنطقة الحدودية المشتركة، وتطبيقات اتفاقية كامب ديفيد الموقعة بينهما”.

وتدور المباحثات حول “مطالبات المسؤولين في حكومة الاحتلال بإحياء مشروع قديم يتعلق بتأمين الشريط الحدودي بين محافظة شمال سيناء وقطاع غزة، بالإضافة إلى المنطقة الحدودية بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة”.

وأوضح المصدر، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “مسؤولين أمنيين في حكومة الاحتلال يجرون، منذ أسبوعين، مباحثات مع المسؤولين مصر، في مسار موازٍ للوساطة التي تشارك بها القاهرة بين تل أبيب وفصائل المقاومة الفلسطينية في القطاع”.

وأشار إلى أنّ “المباحثات متعلّقة بمقترح إسرائيلي لإحياء مشروع كان قد تم طرحه في نهاية فترة حكم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، بشأن ترتيبات وإجراءات أمنية متطورة على طول الشريط الحدودي”. وتتضمّن هذه الترتيبات “التوسع في إقامة أبراج مراقبة، وتركيب كاميرات مراقبة متطورة وإضاءة الشريط الحدودي بالكامل”.

ولفت إلى أن “المقترح يتضمن أيضاً تركيب مجسات (أجهزة استشعار) في باطن الأرض بطول الشريط الحدودي مع قطاع غزة، بهدف مواجهة أنفاق التهريب بين رفح المصرية والفلسطينية”.

وكشف أن “النقاش بشأن المشروع كان قد قطع شوطاً كبيراً بين المسؤولين في الأجهزة الأمنية للجانبين، قبل أن يتوقف تماماً بسبب رفض مصر إصدار إشعارات للجانب الإسرائيلي بشأن أية خروقات بتلك المنطقة”، إذ تعتبره مصر “أمراً سيادياً يخصها فقط، وليس للجانب الإسرائيلي أن يتدخل بشكل مباشر”.

وكان المقترح الإسرائيلي “يقضي بإصدار المجسات في باطن الأرض، وبعض التقنيات الحديثة الأخرى على السياج الحدودي فوق الأرض، إشعارات تلقائية للأجهزة المسؤولة في كل من مصر وإسرائيل، وهو ما رفضته القاهرة حينها”.

كذلك يتيح النظام لتل أبيب “إطلاق طائرات لاستهداف مناطق الإشعارات، والتي قد تكون داخل الأراضي المصرية”.

وبحسب المصدر فإنّ الجانب الإسرائيلي “أعاد إحياء المشروع، محاولاً الاستفادة من ضغوط أميركية على القاهرة، لسرعة إنهاء العمليات العسكرية في القطاع”، إلى جانب “بعض الحوافز الاقتصادية، في ظل تردي الوضع الاقتصادي المصري، وحاجة الإدارة المصرية لتمويلات من العملات الأجنبية، لإعادة ضبطه”.

وأوضح أن “نحو ثلاثة وفود من جهاز (الأمن الداخلي الإسرائيلي) الشاباك، ضمّت مسؤولين عسكريين وأمنيين في حكومة الاحتلال معنيين بالأوضاع في المناطق المحتلة، توافدت إلى القاهرة على مدار الأسبوعين الماضيين، فيما زار وفد مصري تل أبيب لاستكمال المناقشات المتعثرة بشأن المشروع”.

وأشار إلى أن “تصريحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الأخيرة، بشأن ضرورة السيطرة على محور فيلادلفيا الواقع بطول الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، كانت انعكاساً لتعثر المباحثات بين الجانبين، حول المشروع”.

وكشف أن “المباحثات بين القاهرة وتل أبيب في هذا الصدد متسعة وتشمل موقف مؤسسات وازنة مصرية، الرافض تماماً لتهجير الفلسطينيين في قطاع غزة ونقلهم إلى مصر مثلما تسعى الأصوات المتطرفة في حكومة الاحتلال”.

وأضاف أن “تلك المباحثات في جزء منها تعد ذات صلة بما يتم تسميته باليوم التالي للحرب في غزة، بمعنى أنها تناقش الترتيبات التي تتعلق بالوضع الأمني الذي سيكون له تأثيرات على المحيط الإقليمي، سواء في الأراضي المحتلة أو مصر”.

وتعليقاً على زيارات الوفود الإسرائيلية إلى مصر، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير عبد الله الأشعل، في حديث لـ”العربي الجديد”، إنها “يمكن أن تكون من أجل التنسيق، ولكي لا تشعر مصر بأنها غُدر بها من جانب إسرائيل”.

وأضاف أن “هناك فرقاً بين مصلحة الوطن التي تقتضي دعم المقاومة، وحسابات النظام التي ربما تقتضي التفاهم مع إسرائيل وأميركا”.

وكانت القناة 12 الإسرائيلية قد أفادت أول من أمس الجمعة، بأن “وفداً من الشاباك زار مصر هذا الأسبوع لبحث عملية محتملة للجيش الإسرائيلي في رفح”.

من جهته، قال نائب رئيس “المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية”، مختار الغباشي،، إن “مصر لديها تحفظات كبيرة جداً على أي عمليات عسكرية في تلك المنطقة أو حتى طريق فيلادلفيا، إذ لن تقبله بأي شكل من الأشكال”.

وأضاف أن “تدخل جيش الاحتلال في هذه المنطقة محفوف بالمخاطر ولا يمكن ضبط آليات تعامله”، متوقعاً أن تتحفظ القاهرة بشدة إن وجد هذا الطلب “أو حتى الحديث عن سيطرة إسرائيل على محور فيلادلفيا”.

من جهته، اعتبر الكاتب الفلسطيني، طلال عوكل، أنه “إن كانت إسرائيل قادرة على القيام بهذه العملية، من دون حساب للموقف المصري، لما أرسلت وفداً إلى القاهرة التي بدورها لا يمكن أن توافق على مثل هذه العملية على حدودها، فضلاً عن أن الوقت بدأ ينفد بالنسبة لجيش الاحتلال”.

بدوره قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور عصام عبد الشافي ” إن “الحديث عن ضرورة سيطرة الكيان على محور صلاح الدين (فيلاديلفيا)، هو انتهاك لنصوص معاهدة السلام الموقعة في كامب ديفيد بين مصر ودولة الاحتلال”.

وأضاف أن “إعادة احتلاله تعني أيضاً إعادة احتلال جزء من شبه جزيرة سيناء، لأن هذا المحور يقع ضمن المنطقة د، وهي منطقة منزوعة السلاح، وتحت إشراف قوات دولية، ولكنها على الرغم من ذلك هي منطقة ضمن الأراضي المصرية رسمياً”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى