إيكونوميست: مصر تواجه أزمة مالية حادة ونظامها العاجز لا يستحق الإنقاذ
قالت مجلة إيكونوميست إن آفاق الحرب أو السلام في الشرق الأوسط تعتمد على العديد من الجهات الفاعلة مثل أمريكا، والحوثيين، وإيران، وإسرائيل، والفلسطينيين، والمملكة العربية السعودية وغيرها، ولكن هناك دولة واحدة أكثر أهمية مما يتصور معظم الناس وهي مصر.
وأوضحت المجلة أن البلد الذي يبلغ عدد سكانه 110 ملايين نسمة، وتدير قناة السويس، وتشترك في الحدود البرية مع غزة، وتحافظ على معاهدة سلام مع إسرائيل، وساعدت في التوسط في محادثات السلام، ولا يزال بإمكانها أن تلعب دوراً حيوياً للمساعدة في ضمان إقامة دولة للفلسطينيين وتوفير الأمن في قطاع غزة، ومع ذلك إذا انهارت البلاد، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من زعزعة استقرار الشرق الأوسط بأكمله، ومثل هذا الانهيار أمر محتمل إلى حد مخيف، في حين تواجه البلاد أزمة مالية متصاعدة، ونظامها العاجز لا يستحق الإنقاذ، لكن مصر يجب أن تحصل على الإنقاذ رغم ذلك.
وأشارت إلى أن عبد الفتاح السيسي الذي قاد انقلابا في عام 2013 وتولى الرئاسة في العام التالي، أثبت أنه مدير اقتصادي فظيع، بعدما شددت الاحتكارات التي يديرها الجيش وأعوانه خلال العقد الماضي قبضتهم على اقتصاد مصر الضعيف بالفعل.
وأضافت أن الإنفاق خدم جنرالات الجيش، وفر المستثمرون الأجانب، ولا يزال العجز المالي وعجز ميزان المدفوعات مستمرا.
وأكدت المجلة البريطانية أن السيسي اقترض أكثر مما ينبغي، فالدين العام يبلغ 89% من الناتج المحلي الإجمالي، الدين الخارجي 37%، وقد أنقذ صندوق النقد الدولي حكومته أربع مرات، بينما ما يعد السيسي دائما بالإصلاحات الاقتصادية، ثم لا يفعل سوى القليل جدًا.
لقد أدت تداعيات الحرب بين إسرائيل وحماس إلى جعل الأمور أسوأ بالنسبة لمصر، وفي العام العادي تحصل البلاد على إيرادات من العملة الصعبة تبلغ 2% من الناتج المحلي الإجمالي من تشغيل قناة السويس، وتضيف عائدات السياح الأجانب 3% أخرى من الناتج المحلي الإجمالي، لكن كلا مصدري النقد الأجنبي قد تقلص بشكل كبير، و سعر الصرف الرسمي 30 جنيها مصريا للدولار هو سراب.
وأوضحت أن سعر الصرف في السوق السوداء، والذي يعكس ما سيدفعه المشترون الراغبون يبلغ 70 جنيها، وتحتاج البلاد إلى خفض قيمة عملتها رسمياً، ولكن القيام بذلك يعني أن قيمة ديونها بالدولار سوف ترتفع نسبة إلى ناتجها المحلي الإجمالي . كما سيؤدي ذلك إلى رفع أسعار المواد الغذائية، وخاصة الحبوب، التي تستوردها مصر في الغالب.
ولو كان المنطق الاقتصادي هو الاعتبار الوحيد، لكان من الممكن وصف دواء مر لمصر، إن أي إقراض إضافي من قبل صندوق النقد الدولي أو الحكومات الأجنبية سيكون مشروطًا بإعادة هيكلة ديونه، والعيش في حدود إمكانياته، وإخراج الجيش من العمل، ومع ذلك فإن مثل هذا التقشف سيكون خطيرا للغاية.
قد تمضي مصر سنوات في حالة تخلف عن السداد، مما يجعلها منطقة محايدة ماليا، فالصين ثالث أكبر دائن ثنائي لها، تحاول عادة عرقلة إعادة هيكلة الديون، وسيواجه السيسي صعوبة في إطعام شعبه أو دفع رواتب موظفيه الحكوميين، وقد يقوم شباب مصر المحبطون بإطلاق احتجاجات حاشدة، وهو ما قد يقابل بالقمع العنيف، وسيكون من الصعب احتواء أي اضطراب، ويمكن أن ينتشر إلى المدن، مما يهدد حكومة السيسي.
إن الشرق الأوسط الكبير، الذي يحترق بالفعل، لا يستطيع أن يتحمل اندلاع حريق في مصر أيضاً، وعلى أقل تقدير فإن ذلك سيجعل مصر غير قادرة على المساعدة في التوسط أو تنفيذ اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
لذا يتعين على العالم أن يمسك أنفه وينقذ مصر مرة أخرى، ربما تحتاج البلاد إلى ما لا يقل عن 10 مليارات دولار من التمويل قصير الأجل لتجديد ديونها وتخفيف صدمة الانخفاض الكبير في قيمة العملة، ويجب على الدول الغربية وصندوق النقد الدولي ودول الخليج العربية الغنية أن تتدخل.
وفي المقابل، يجب عليهم الضغط علناً على الجيش للتخلي عن قبضته على الاقتصاد، وسيفعلون ذلك وهم على علم تام بأنه من غير المرجح أن يمتثل الجيش للقرارات، خاصة وأن السيسي هو نفسه جنرال سابق، ومع ذلك فإن مصر لن تزدهر أبداً حتى يفسح الرجال الذين يرتدون الزي العسكري الطريق للجميع، ويحتاج المصريون العاديون إلى سماع ذلك.