محلي

بسبب أزمة الجنيه.. تجار أوقفوا التعاملات ومصانع تخشى الإغلاق

سيطرت حالة من الشلل التام على الأسواق في مصر بسبب الانخفاض السريع في قيمة الجنيه مقابل الدولار، وعدم توفر العملة الصعبة في البنوك الحكومية، ما دفع الكثير من التجار لوقف التعاملات إلى حين استقرار الأوضاع، فيما خفَّضت غالبية المصانع قدراتها الإنتاجية خشية من الإغلاق.

أغلق كذلك عدد من محالّ الذهب أبوابها في أعقاب الحملات الأمنية التي تشنّها وزارة الداخلية التي تتهم كبار التجار بتصدير كميات كبيرة إلى الخارج، وتحميلهم جزءاً من مسؤولية الأزمة الراهنة.

أما سعر الصرف في السوق السوداء فقد ارتفع بنسبة 28% خلال النصف الثاني من شهر يناير ليدور حول 74 جنيهاً، مقابل 58 جنيهاً في منتصف ديسمبر الماضي.

اتفق عدد من التجار وأصحاب المصانع على أن التحركات كافة التي تجري في الأسواق ترتبط بتقييم سعر الجنيه المصري مقابل الدولار في السوق الموازية، وأن التبادل بين التجار والمتعاملين في المحال والمصانع التي قررت الاستمرار في عمليات البيع والشراء أصبحت مقترنة بسعر الدولار صعوداً وهبوطاً.

في حين أن بعض تجار العقارات والسيارات والأجهزة الكهربائية مرتفعة الثمن، طالبوا المواطنين بسداد قيمة ما يحصلون عليه بالدولار.

مالك أحد مصانع المواد البلاستيكية قال إنه فشل في الحصول على الدولار من البنوك الرسمية منذ ما يقرب من شهر تقريباً، مع بداية العام 2024، ما دفعه للاتجاه إلى السوق السوداء لشرائه، الأمر الذي انعكس على تكاليف الإنتاج في ظل الفجوة الكبيرة بين السعرين الرسمي والموازي.

انعكس ذلك أيضاً على تراجع القدرة الشرائية بشكل واضح في الأسواق، وترتب عليه خفض معدلات عمل خطوط الإنتاج إلى أكثر من النصف، انتظاراً لما ستؤول إليه الأوضاع خلال الأيام المقبلة.

كما يعتقد مالك المصنع أن استمرار الأزمة الراهنة لشهر آخر أو شهرين على الأكثر ستكون نتيجته غلق المصنع، لأنه يتحمل زيادة في أعباء الصناعة تصل إلى 160% نتيجة تراجع قيمة الجنيه في السوق السوداء.

 كما أن الحكومة على الجانب الآخر رفعت أسعار العديد من الخدمات العامة منذ بداية 2024، ما تسبب في رفع أسعار الكهرباء والنقل.

مقابل ذلك، فإن معدلات التوريد تراجعت بشكل كبير، معتبراً أن الأزمة تتمثل في فقدان الزبائن الثقة في كثير من الشركات التي تقوم بزيادة أسعارها بشكل مستمر، وقد لا تكون هناك إمكانية لجذبهم مرة أخرى.

يرى كذلك أن الحكومة ضاعفت معاناة المصانع والشركات الكبرى، بعد قرار البنك المركزي بوضع حد للسحب اليومي بالجنيه، مشيراً إلى أن انتظار الحصول على موافقة البنك المركزي لعمليات السحب التي تفوق 150 ألف جنيه يعد “خراب بيوت” لأصحاب المصالح، ويدفع العديد من المصانع لإغلاق أبوابها، فهي بالأساس تحتاج إلى تلك الأموال بشكل سريع لاستبدالها بالدولار المطلوب لعمليات الاستيراد.

أحد أكبر أصحاب شركات الدواجن قال إن تراجع قيمة الجنيه المصري تسببت في رفع أسعار الأعلاف بنسبة تصل إلى 65% خلال الشهر الماضي فقط، لكن المشكلة الأكبر تتمثل في أن الشركة لا تستطيع توفير تلك الأعلاف لصعوبة عمليات الاستيراد التي بحاجة إلى العملة الصعبة غير المتوفرة.

وأشار كذلك إلى إحجام التجار عن توريد الأعلاف المحلية إلى الشركات، انتظاراً لاستقرار أسعار صرف الجنيه المصري.

حالة الارتباك السائدة وشح الأعلاف في الأسواق يؤديان، بحسب المتحدث ذاته، إلى تأثر المنتجين بصورة كبيرة، وأنه من المتوقع خروج عدد كبير من شركات الدواجن من السوق، جراء الخسائر التي تتعرض لها، مشيراً إلى أن بعض شركات الأعلاف تقوم بتغيير أسعار أطنان الصويا والذرة والأعلاف كمنتج نهائي كل ساعة تقريباً.

وأكد أن ذلك يجعل الشركات في حيرة من أمرها، ولا تستطيع تحديد سعر كيلو الدواجن، ما ترتب عليه زيادة هائلة في أسعار الدواجن بالأسواق، لدرجة أن السعر يتغير مرات عديدة خلال اليوم الواحد، نتيجة اختلاف أسعار الأعلاف التي ترتبط بأسعار الدولار في السوق السوداء.

شدد المصدر على أن الشركات المصرية خسرت العديد من موردي الأعلاف من الخارج لأسباب عديدة، بينها تكدس الشحنات لأيام طويلة، وصعوبة دخولها إلى البلاد، فضلاً عن تعرض شركات كثيرة إلى خسائر فادحة، جعلتها غير قادرة على سداد قيمة ما قامت بشرائه بالدولار تحديداً.

في هذا الصدد أوضح أن الكثير من أصحاب الشركات يجدون صعوبة في توفير الدولار، بما في ذلك السوق السوداء، مع تزايد الحملات الأمنية التي تشنها الحكومة في تلك الأثناء على تجار العملة.

كذلك قفزت أسعار الصويا، خلال يناير بنسبة 47%، مسجلة 41 ألف جنيه للطن، مقابل 28 ألف جنيه في نهاية ديسمبر 2023.

أسعار الذرة ارتفعت أيضاً، مسجلة 18 ألف جنيه للطن، مقابل 13 ألفاً، في حين وصل سعر الأعلاف إلى 26.6 ألف جنيه للطن، مقارنة بـ18 و 19 ألف جنيه، بنسبة صعود 40 %.

لم يختلف الحال كثيراً بالنسبة لأحد مصنّعي الملابس الجاهزة، الذي أكد أنه يتجه لإغلاق مصنعه، نتيجة عدم توفر خامات الإنتاج، وتوقف عدد من مصانع الأقمشة عن الاستيراد من الخارج، ووجود صعوبات جمّة في توفير الدولار اللازم لعمليات الاستيراد.

بالإضافة إلى أن الارتفاع الكبير في أسعار الملابس هذا العام 2024، دفع المواطنين المصريين إلى العزوف عن الشراء، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، تراجعت فيها القدرات الشرائية بشكل كبير.

أوضح المتحدث أن فصل الشتاء كان بمثابة موسم ينتظره مصنعو الملابس كل عام، لكن الذي حدث العام الحالي هو تكبد المصانع خسائر فادحة، مشيراً إلى أن بعض المصانع لجأت إلى رفع الأسعار بصورة كبيرة للتحوط من أي خسارة، وتحاول في الوقت ذاته تعويض خسائرها، لكنها وقعت في مأزق تراجع القدرة الشرائية، ما دفعها لتخفيض خطوط الإنتاج بنسبة 70% تقريباً.

زر الذهاب إلى الأعلى