محلي

أسباب اشتعال الدولار في السوق السوداء.. ما هو دور البنوك في تصاعد الأزمة؟

يرى مصرفيون ومحللون أن سماح بعض البنوك العاملة في مصر للمستوردين بإيداع العملة الصعبة لفتح اعتمادات مستندية دون سؤالهم عن مصدر العملة مقابل التنازل عن 20% من المبلغ المطلوب، يمثل أحد أهم أسباب اشتعال سعر الدولار مقابل الجنيه في السوق الموازية. تزامن ذلك مع قيام بعض القطاعات الصناعية والتجارية والعقارية بالبيع بالدولار بدلاً من الجنيه، ما أجّج الأزمة بالآونة الأخيرة.

فيما يبلغ سعر الصرف الرسمي 30.9 جنيه للدولار في البنوك، تجاوز السعر في السوق السوداء 70 جنيهاً خلال معاملات نهاية الأسبوع الماضي.

أهم أسباب أزمة العملة

اعتبر نائب رئيس المعاملات الدولية والخزانة في أحد البنوك الخاصة العاملة بمصر أن من أهم أسباب أزمة العملة الحالية في مصر هو سماح البنوك منذ العام الماضي بتمويل المستوردين للسلع غير الأساسية والسماح لهم بتخطي دورهم في قائمة الانتظار بشرط توفير الدولار للبنك دون سؤالهم عن مصدره بشرط التنازل عن ما يصل إلى 20% منه للبنك بالسعر الرسمي، وهو ما عمل على وجود طلب كبير على العملة بالسوق الموازي.

و أوضح أن البنوك تراعي تنفيذ هذه المعاملات بذكاء تجنباً للوقوع في مخالفات، من خلال عدم قبول الدولار بشكل مباشر من المستورد، بل من خلال أطراف على صلة به بعد اتفاق العميل مع البنك، وبعد تنازل هذه الأطراف عن الدولار على شباك أحد فروع البنك، يقوم المستورد بإرسال صور هذه التنازلات لمسؤول تمويل الاعتمادات المستندية لإتمام المعاملة.

هاني جنينة، كبير الاقتصاديين في شركة “كايرو كابيتال” لتداول الأوراق المالية قال إن البنوك تهدف من هذا القرار لجذب الدولار المتداول بالسوق الموازية داخل القطاع المصرفي تدريجياً للاستيراد به، للمساهمة في حل أزمة نقص العديد من السلع والخدمات بالسوق المصرية حتى تهدأ الأسعار وتتوافر السلع.

انفلات الأسعار في مصر

سادت العشوائية في تسعير السلع والمنتجات بالأسواق خلال الأسبوعين الماضيين بشكل كبير وسط غياب الرقابة الحكومية بسبب عدم نجاحها في توفير العملة الصعبة للمستوردين، وهو ما دفع بعض القطاعات لتسعير وبيع منتجاتها بالدولار كالحديد والعقارات والأسمدة والأعلاف.

رئيس إحدى شركات حديد تسليح، قال إنه عند استيراد خام من الخارج، ولكي تسمح لنا البنوك بإجراء إيداعات دولارية دون السؤال عن مصدرها، يكون مطلوباً منا التنازل عن حصة تتراوح بين 10% و20% من قيم الإيداعات الإجمالية، أي أننا إذا أردنا استيراد خامات بـ10 ملايين دولار، فإننا نودع لدى البنك نحو 11 – 12 مليون دولار لفتح الاعتماد المستندي.

مسؤول حكومي قال إن عدداً من الشركات المستوردة للأعلاف عقدت اجتماعاً الأسبوع الماضي مع شركات وتجار للاتفاق معهم على البيع بالدولار واليورو.

عمولات مقابل الاعتمادات المستندية

عضو مجلس إدارة بأحد البنوك الخاصة في مصر قال إن البنوك بعد قبولها تمويل المستوردين من خلال تنازلات عن الدولار رفعت نسبة العمولات على تمويل الاعتمادات المستندية للاستيراد ليصل سعر الدولار الواحد بين 38 و39 جنيهاً لكل دولار بما يعني أن سعر الدولار الرسمي على الشباك بالبنك غير مطابق للسعر الذي يتم به بيع أو شراء العملة رسمياً.

اتفق مصرفيون بشأن عدم صدور قرار رسمي من البنك المركزي بقبول البنوك تنازلات عن الدولار من المستوردين، ولكن يغض المركزي الطرف بشرط إتمام المعاملة بعناية وتجنب تلقيه شكاوى من العملاء.

يرى مصرفيان في أحد البنوك الحكومية الكبيرة أن سماح البنوك باستيراد السلع غير الأساسية كالسيارات والأجهزة الكهربائية مقابل عمولة تدبير تصل إلى 20% من أهم أسباب ارتفاع سعر الدولار بالسوق الموازية.

تسهيل استيراد السيارات

منتصر زيتون عضو الشعبة العامة للسيارات في اتحاد الغرف التجارية قال إن البنوك فتحت الباب لاستيراد السيارات بعقود مسجلة بنهاية العام الماضي، وهو أحد الأسباب التي أدت لزيادة الطلب على الدولار بالسوق الموازية.

وأضاف”زيتون” أن الوكلاء اتجهوا لاستيراد السيارات بالدولار أو اليورو بعقود مسجلة من المناطق الحرة وهو ما سمحت به البنوك مؤخراً بدلاً من الإفراج الجمركي المجمع.

كما اتفق السيد المكاوي عضو شعبة السيارات بالاتحاد العام بالغرف التجارية، ورئيس مجموعة المكاوي للسيارات مع زيتون بشأن أن تسهيل قبول البنوك الدولار من المستوردين مقابل نسبة من الإيداعات أدى إلى ارتفاع سعر العملة بالسوق الموازية.

وأَضاف أن المبالغة في تسعير الدولار في السوق الموازية أصبح عائقاً أمام المستورد لفتح اعتمادات مستندية بسبب زيادة أسعار السلع فوق قدرة المستهلك واصفاً سعر الدولار الحالي بالسعر المانع للاستيراد حيث تضاعفت أسعار بعض السيارات بنحو 6 مرات على مدار آخر عامين.

المصريون يبحثون عن ملاذات آمنة لمدخراتهم

يبحث العديد من المصريين عن ملاذات آمنة لحماية مدخراتهم وسط توقعات بإجراء خفض رابع لقيمة الجنيه المصري، ما أدى الى ارتفاع أسعار العقارات ودفع العديد من المطورين إلى إرجاء بيع الوحدات، كما كان الانعكاس الأكبر على سعر الذهب في السوق المحلية والذي قفز إلى معدلات تاريخية بلغت 4 آلاف جنيه للغرام عيار 21 الأكثر شعبية في مصر.

أحد كبار مستوردي الأجهزة المنزلية في مصر قال إنه مازالت البنوك تقبل منا الدولار دون السؤال عن مصدره مقابل التنازل عن حصة للبنك، البنوك ليست لديها عملة صعبة وهي في أشد الحاجة للعملة لتغطية بعض من مراكزها المكشوفة، أوقفنا البيع بالشيكات والآجل ولا نبيع إلا بمقابل فوري “كاش” للتجار لتوفير سيولة، مَن معه “كاش” هو فقط من يشتري حالياً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى