محلي

لاجئون سودانيون يختارون العودة إلى ويلات الحرب في بلادهم بدل البقاء في مصر

اضطر الكثير من اللاجئين السودانيين في مصر لاتخاذ خيار صعب بعد مرور 10 أشهر على اندلاع الحرب في السودان، ويتمثل في العودة إلى بلادهم علماً بأنهم سيعيشون تحت تهديد القصف، لكن ظروف الحياة القاسية التي يواجهونها في مصر تدفعهم لذلك، وفق ما جاء في تقرير نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.

وصلت رحاب إلى مصر مع أولادها قبل سبعة أشهر وكانت حاملاً، بينما بقي زوجها في السودان حيث تدور حرب بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو منذ إبريل 2023، وقالت رحاب لوكالة الأنباء الفرنسية إن ابنتها وُلدت في مصر لكنها لا تستطيع إطعامها لعدم وجود أي دخل أو مساعدات لها.

بينما يقول المواطن السوداني “إبرام كير” إن غالبية اللاجئين السودانيين في مصر كانوا يظنون أن الحياة في مصر ستكون أفضل.

 وتابع كير الذي لجأ قبل خمس سنوات إلى مصر ويساعد اللاجئين الجدد: لقد اكتشفوا الحقيقة المرة، فليس لديهم مال ولا مسكن ولا ملابس شتوية لمواجهة البرد ولذلك يفضلون العودة للسودان.

فيما تشير الأرقام الرسمية إلى عبور 450 ألف سوداني إلى مصر منذ اندلاع الحرب، وتمكن آخرون من الدخول بشكل غير رسمي عبر الصحراء، هربا من القصف والحرب، لكن بعد عدة أشهر بلا عمل ولا مسكن ولا مساعدة في بلد يعاني من تضخم يزيد على 35%، تبخر ما كان يحملونه من مال.

يضطر الكثير من اللاجئين السودانيين في مصر للإقامة في شقق ضيقة تضم عائلتين أو ثلاث عائلات يعتمدون على دخل واحد فقط دون الحد الأدنى للأجور بكثير.

 وعلى سبيل المثال، يحاول السوداني “دان مهيك أكوم” الصمود من خلال العمل في تنظيف المنازل لكن صديقاً له لم يعد يستطيع توفير الطعام لعائلته وقرر العودة إلى السودان.

الموت أفضل” من البقاء في مصر

تروي المواطنة السودانية رندة حسين أن ابنة خالتها عادت في أكتوبر الماضي إلى ضاحية الخرطوم، أحد أكثر الأماكن خطورة في السودان قائلة الموت هناك أفضل من البقاء في القاهرة، لكنها لم تعد لديها أي أخبار عنها.

بعد ذلك قررت رندة حسين استضافة سودانية أخرى هي شابة في العشرين أم لطفلين كانت تقيم لفترة من الوقت عند جدتها، لكنها قررت استضافتها بعدما هدد أصحاب المنزل الذي تستأجره جدتها العجوز بالطرد إذا لم تغادر حفيدتها وطفلاها.

و تقول رندة حسين إن هذه الأم مُصرّة الآن على العودة إلى السودان، بعدما أصبحت لا تستطيع البقاء فلا تستطيع العمل بينما طفلها الأصغر عمره سنة واحدة.

بينما تقول الباحثة “رجا مكاوي” إن الناس مرغمون على الاختيار بين العيش بلا مأوى أو في خطر، ويفضلون العودة إلى السودان والتفاوض مع الأطراف المسلحة لضمان أمنهم على العيش في أوضاع بائسة تماماً، فالسودانيون في مصر يشكون من أن وضعهم بالغ السوء.

تعيش المواطنة السودانية “حواء تلفون” في مصر مع زوجها منذ 20 عاماً لكنها طُردت أخيراً من شقة كانت تستأجرها منذ خمس سنوات، بعدما منحها مالك الشقة “مهلة أسبوعين” للمغادرة لأنها تؤوي الكثير من اللاجئين السودانيين على حد قوله.

 وقالت “حواء” إن شقيقها وأسرته كانوا قد وصلوا للتوّ من السودان متسائلة باستياء: هل كان ينبغي عليّ أن أطردهم؟

حسب وكالة الأنباء الفرنسية، تتزايد في القاهرة الشكاوى من طرد اللاجئين السودانيين في مصر من الشقق المستأجرة بحجة “إساءة استخدام المفروشات” أو “تضاعف عدد القاطنين في الشقة.

يقول ياسر علي الذي جاء للقاهرة في 2002 للدراسة لوكالة الأنباء الفرنسية إنه في الشهور الأخيرة، كل شيء تغير حتى طريقة تعامل الناس أصبحت أكثر حدة”، فيما تتزايد على مواقع التواصل الاجتماعي الشكاوى من “عبء” المهاجرين.

فيما أعلنت القاهرة أخيراً أنها ستقوم بدراسة حول “كلفة” المهاجرين الذين أتوا من السودان وسوريا واليمن ودول أفريقية عدة. ولا يحصل هؤلاء على أي مساعدات ولا يسمح للأمم المتحدة أو المنظمات غير الحكومية بإقامة مخيمات لإيوائهم، بل يتحمّلون كلفة إقامتهم وتعليم أبنائهم بالكامل..

في المقابل، تؤكد السلطات المصرية أنه بوسع المهاجرين التنقل والعمل بحرية، غير أنه مع توافد اللاجئين السودانيين في مصر بدأ أصحاب الشقق في رفع سعر الإيجار، وفق ناشطين وخبراء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى