أثارت التغييرات التي أجراها عبدالفتاح السيسي براس المؤسسة العسكرية الكثير من التساؤلات بشأن توقيتها ومدى ارتباطها بالأوضاع في المنطقة التي تشهد العديد من الحروب والنزاعات.
خلاف مع السيسي
موقع الحرة نقل عن أستاذ سياسات الشرق الأوسط في جامعة “سانت أندروز” البريطانية، ديفيد عماد، قوله إن قيادات الجيش والمجلس العسكري، وعلى رأسهم زكي وعسكر، ليسوا على وفاق مع القيادة السياسية للبلاد في مصر بقيادة السيسي حاليا وذلك بعد سلسة من الأحداث والمستجدات التي لم تشهدها مصر من قبل”، موضحا أن “هذا الأمر أصبح لا يخفى على أحد من المقربين من دوائر صناع القرار في مصر”.
وأضاف أن “قيادات الجيش ترى أن القيادة السياسة الحالية قزمت دور مصر الإقليمي وحتى العسكري بشكل لم يسبق له مثيل، وذلك لعدة أسباب أبرزها المخاطر التي تواجهها مصر على حدودها وعدم اتخاذ قرارات حازمة للتدخل بشكل صحيح لحل تلك الأزمات والقضايا وأبرزها تنازل مصر عن تيران وصنافير لصالح السعودية، والفشل في غدارة ملف سد النهضة.
أزمات اقتصادية
اتفق الأستاذ في قسم دراسات الحرب بكلية كينغز في لندن، يحيي أبو السعود، مع ما قاله عماد، وقال في حديثه لموقع “الحرة” إنه “بسبب استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والضعف الحكومي والإداري في مصر تضغط حاليا السعودية لإتمام صفقة رأس جميلة بشرم الشيخ على البحر الأحمر في جنوب سيناء والتي تطل على جزيرتي تيران وصنافير التي تنازلت عنهما مصر للسعودية عام 2016 بمقتضى اتفاق أقره البرلمان أثار ردود فعل شعبية كبيرة. وتقع أيضا بالقرب أيضا من موقع سيقام فيه جسر عبر البحر الأحمر، وهي فكرة كشفها ملك السعودية، سلمان بن عبدالعزيز، خلال زيارة إلى القاهرة، عام 2016”.
وتحدث أبو السعود عما وصفه بـ”الأزمة الكبرى التي تواجه مصر حاليا على حدودها الشرقية وهي حرب غزة”، قائلا إن “وصول القوات الإسرائيلية إلى محور فيلادلفيا وانتهاك الحدود المصرية أمام العالم واتفاقية كامب ديفيد، وقتل هذا الكم الهائل من الفلسطينيين على يد إسرائيل على الحدود المصرية بدون أي رد فعل قوي من النظام المصري الحالي أثار استياء وغضب العديد من قيادات الجيش وأفراده”.
إبراهيم العرجاني
وأضاف أن “ظهور شخصية إبراهيم العرجاني على الساحة السياسية ومنحه صفة رسمية فيما يتعلق بما يحدث في سيناء وغزة كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للعلاقة بين قيادات الجيش والمجلس العسكري والإدارة السياسية بقيادة السيسي”.
وتابع “تصاعدت الأصوات المنتقدة لتأسيس (اتحاد القبائل العربية) في سيناء برئاسة العرجاني، وأعرب منتقدون داخل الجيش عن مخاوفهم من وجود كيان أقرب للميليشيا، يحظى بدعم أعلى هرم للسلطة في مصر”.
وأوضح أبو السعود أنه “منذ إطلاق هذا المؤتمر، لم تتوقف التساؤلات وكذلك الانتقادات داخل المؤسسة العسكرية، بشأن ماهية هذا الكيان، الذي يرأسه رجل ثار بشأنه جدل واسع، خاصة بعد اندلاع الحرب في غزة، ألا وهو إبراهيم العرجاني، الذي تعود أصوله إلى قبيلة الترابين البارزة في سيناء”.
حرب السودان
وتحدث أبو السعود عن “فشل النظام المصري في إدارة ملف حرب السودان وإدخال السودانيين بأعداد كبيرة، ومن ثم مساعي ترحيلهم سرًا، أثارت غضب وحفيظة قائدي الجيش الذين يرفضون هذا التخبط السياسي في قضية تمس الأمن القومي لمصر جنوبًا”.
ويرجح الخبير السياسي أن “عدم قبول أحد من المجلس العسكري تولي وزارة الدفاع في الفترة الحالية، دفع السيسي للبحث خارج الموجودين بالخدمة، ووقع الاختيار على صقر، محافظ السويس السابق، كما كان لابد من إزاحة عسكر، خاصة في ظل ما يتردد عن خلافاته مع السيسي”.
خطوة جريئة
الخبير العسكري، اللواء أركان حرب كمال شرف الدين، قال لموقع “الحرة” إن “مصر تعاني اضطرابات متعددة على مختلف حدودها سواء غربًا في ليبيا أو جنوبًا في السودان أو شرقًا في غزة، ولذلك كان لابد من التعامل على مستوى الحدث وعدم الاعتماد على الاستقرار الداخلي بدون تحديث وتطوير خطط واستراتيجيات تأمين الحدود وتعزيز الأمن القومي”.
وأضاف أن “هذه تعتبر الخطوة الأجرأ منذ أكثر ١٠ سنوات على مستوى وزارة الدفاع أن يأتي رئيس الجمهورية بشخصية خارج المجلس العسكري وخارج الخدمة على رأس القيادة العسكرية”.
وجوه جديدة
اللواء أركان حرب والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، سامح المنوفي، نفى ما يتردد عن “وجود خلافات بين قيادات الجيش والسيسي أو ما يثار عن محاولات انقلاب على النظام الحالي”، قائلا إن “هدف الكثيرين سواء داخل مصر أو خارجها أن يروا سقوط الجيش والنظام لكن هذا لن يحدث”.
وقال إن “زكي وعسكر وقبلهما وزير الدفاع الأسبق، صدقي صبحي، تجمعهم علاقات قوية وعميقة مع الرئيس السيسي لأنهم يعتبرونه هو من خلص مصر من الحكم الإرهابي للإخوان، ولذلك من المستحيل أن ينقلبوا عليه لأنه ببساطة ليس محمد مرسي”.