من المنفى إلى الرئاسة ثم الهروب.. قصة عزل رئيسة وزراء بنجلاديش
في تطور دراماتيكي للأحداث في بنجلاديش، قدمت رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد استقالتها، واستطاعت الهروب بطائرة عسكرية إلى الهند قبل اقتحام المتظاهرين لمقرها، على إثر التظاهرات الحاشدة التي تطالب برحيلها منذ عدة أيام.
وشهدت التظاهرات التي عمت البلاد سقوط العشرات من القتلى، بينهم 11 من رجال الشرطة، في موجة جديدة من أعمال العنف. وقد وثقت وسائل الإعلام استخدام الشرطة للقوة المفرطة ضد المحتجين، فيما قامت الحكومة بقطع خدمات الإنترنت لتصعب متابعة أحداث الاحتجاجات.
حظر تجوال صارم
وكانت السلطات في بنجلاديش قد أعلنت عن حظر تجوال صارم في جميع أنحاء البلاد، وذلك في محاولة للسيطرة على الأوضاع الأمنية، إلا أن المتظاهرون واصلوا تظاهراتهم واستطاعوا اقتحام المقر الرسمي لرئيسة الوزراء في العاصمة دكا.
من هي حسينة واجد
ولدت حسينة واجد في 1947 في قرية “تونغي بارا” جنوب غرب العاصمة البنغالية دكا، وهي أكبر البنات الخمس للشيخ مجيب الرحمن، مؤسس وأول رئيس لجمهورية بنغلاديش الشعبية. تزوجت من العالم الفيزيائي واجد مياه سنة 1968.
التجربة السياسية
أثناء دراستها كانت تنشط ضمن اتحاد الطلبة وترأست طلبة رابطة عوامي في الجامعة، كما انتخبت نائبة لرئيس اتحاد الطلبة عام 1966. وفي أواخر الستينيات عملت منسقة سياسية لوالدها خلال سجنه من قبل الحكومة الباكستانية.
وفي 15 أغسطس 1975 اغتال ضباط بنغاليون والدها (الذي كان قد تولى الحكم منذ أشهر فقط)، وجميع أفراد أسرتها، ونجت هي وشقيقتها ريحانة من الاغتيال لوجودهما آنذاك في ألمانيا، ثم ظلت فترة في المنفى بين بريطانيا والهند حتى انتخابها رئيسة لرابطة عوامي.
عند عودتها إلى وطنها عام 1981، أصبحت مناصرة بارزة وصريحة للديمقراطية، وهو ما أدى إلى وضعها تحت الإقامة الجبرية في مناسبات عديدة.
عام 1991 -في أول انتخابات عامة حرة تعقد في بنغلاديش منذ 16 عاما- فشلت في الحصول على الأغلبية في البرلمان، وفازت عليها زعيمة الحزب القومي البنغلاديشي المنافس خالدة ضياء.
وفي 23 يونيو 1996 أصبحت حسينة رئيسة للوزراء في بنغلاديش بعد فوز حزبها بالانتخابات التشريعية، غير أن الحزب مني بهزيمة في انتخابات 2001 بعد فوزه بـ60 مقعدا فقط في مجلس النواب مقابل 200 مقعد لغريمه الحزب الوطني البنغالي، لكن حزبها قال إن الانتخابات تم تزييفها رغم الشهادات الدولية بنزاهتها.
وفي 16 يوليو 2007 اعتقلتها الشرطة البنغالية قبل أن يتم إطلاق سراحها في الشهر نفسه، لتسافر بعدها إلى الولايات المتحدة بغرض العلاج.
وفي السادس من نوفمبر 2008 عادت إلى بنغلاديش وقادت حزب رابطة عوامي في انتخابات ديسمبر 2008، والتي أدت إلى تسلمها رئاسة الوزراء مجددا في السادس من يناير 2009، ثم في يناير من العام 2014، أدت حسينة اليمين الدستورية رئيسة للحكومة للمرة الثالثة.
وفي الانتخابات التي أجريت في 30 ديسمبر الأول 2018، حصل حزبها من جديد على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان.
واتُهمت”حسينة” بقمع المعارضة خلال الفترة التي سبقت الانتخابات العامة في يناير 2024، ووفقا لما أعلنه الحزب الوطني البنغالي، فقد تم اعتقال أكثر من 20 ألفا من قادته وأعضائه ومؤيديه كجزء من حملة قمع كبيرة بدأت في أكتوبر 2023.
وردا على رفض حسينة لمطلب بإنشاء حكومة مؤقتة محايدة لإدارة الانتخابات، قاطع الحزب الوطني البنغالي الانتخابات، مدعيا أنها غير نزيهة.
كما دعا الحزب المعارض إلى إضراب على مستوى البلاد. وردت حسينة بدعوة الناس إلى التصويت ووعدت بأن “هذه الانتخابات ستكون حرة ونزيهة”.
وأسفرت الانتخابات عن فوز ساحق لحزب رابطة عوامي، الذي حصل على 222 مقعدا في البرلمان المؤلف من 300 مقعد.
وفي 11 يناير 2024، شغلت حسينة واجد منصب رئيسة وزراء بنغلاديش للمرة الخامسة، وهو ما وضع اسمها في قائمة القيادات النسائية البارزة الأطول حكما في العالم.