قبل أي قرار أو توجيه رئاسي أو حكومي، الإعلام يستبق الحدث مهيئا الرأي العام لتقبله.
الحدث هو تأكيد السيسي على أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، مع عدم تحوله لعقوبة وضرورة التعويض المادي والأدبي للمتضررين، غير أنه أشار إلى الحفاظ على طبيعته كإجراء وقائي تستلزمه ضرورة التحقيق.
التوجيه الرئاسي اختلف حوله المتابعون، فقال مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، “أخيرا تم تحريك ملف الحبس الاحتياطي وهو ملف مفتوح منذ سنوات”، أما إيهاب رمزي، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، فقد أكد إن الحبس الاحتياطي تم تشريعه لمصلحة تحقيقات النيابة العامة.
طلعت عبد القوي، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، أوضح أن استجابة السيسي لتوصيات الحوار الوطني يدل على احترام الدستور، بينما وجه السياسي والمرشح الرئاسي السابق أيمن نور أولى رسائله للسيسي قائلا، “إنني أدرك وأؤمن لحد اليقين بأهمية هذه الخطوة المستحقة”.
آخرون انتقدوا الخطوة ورأوا أنها حبر على ورق.
الكاتب الصحفي قطب العربي أشار إلى أن الهدف من الخطوة تقديمها للمجتمع الدولي خلال المراجعة الدورية لملف انتهاكات مصر لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، خاصة وأن الـ 270 توصية المراجعة سابقا، طلبت احترام النصوص الدستورية الخاصة بـ المعتقلين والمحبوسين احتياطيا، ورأى السياسي ثروت نافع أن المشكلة شكلية جدا.
السياسي عمرو عادل اتفق معهما أيضا بالقول، السلطة في مصر تتعامل بمنطق العصابات وهي لا تحترم القانون، وكذلك الحقوقي خلف بيومي الذي أشار إلى أن المشكلة ليست في غياب النصوص الدستورية ولكن في غياب العدالة، ونفس الأمر قاله الحقوقي جماال عيد، “الادعاء أن مشكلة السجناء والاسرى والرهائن في مصر هي النصوص القانونية لمدة الحبس الاحتياطي، وان الحل هو تعديل تلك النصوص ! كاذبون ، والله كاذبون”، حسبما أورد على صفحته بفيس بوك.
ما هو واقع الحال؟
التقارير الدولية تؤكد استمرار النظام في العقاب الجماعي لخصومه السياسيين، وحبس عشرات الآلاف منهم منذ 10 سنوات وتدويرهم على ذمة قضايا جديدة، فضلا عن الانتهاكات بحق المعتقلين التي تصل لتجريدهم من الملابس والاعتداء عليهم، ومنعهم من التريض والأدوية وزيارة ذويهم لهم، مع عدم شمولهم بالعفو الرئاسي الذي يبيض به السيسي نفسه كل فترة.