عودة أول ضبع منقط منذ 5 آلاف سنة

بعد 5 آلاف سنة من اختفائه، عاد الضبع المنقط إلى أماكن لم يألفها منذ قرون، ليحمل معه لغزا غامضا.
ففي واقعة مذهلة أعادت رسم خرائط الحياة البرية، رصد علماء مصريون ظهور الضبع المنقط في البلاد لأول مرة منذ 5 آلاف عام، في محمية علبة الطبيعية، على بُعد 480 كيلومترا شمال أقرب موطن معروف له في السودان.
قتله السودانيون
هذه العودة النادرة لم تدم طويلا، حيث انتهت بمقتله على يد عدد من السكان المحليين بعد افتراسه رأسي ماعز.
فيما أثار هذا الاكتشاف، الذي وثقه عالم الحيوان عبد الله ناجي من جامعة الأزهر ونُشر في مجلة “ماماليا” العلمية، ضجة في الأوساط البيئية والعلمية.
بينما تساءل عدد من الخبراء عما إذا كنا أمام تغيرات بيئية غير مسبوقة تعيد تشكيل خريطة الحياة البرية في المنطقة.
ورغم سمعته المخيفة، ظل هذا الحيوان ضروريا للحفاظ على التوازن البيئي، حيث يقوم بدور “المُنظف الطبيعي” بتنظيف البيئة من الجيف وبقايا الحيوانات النافقة.
بارقة أمل
أوضح الدكتور عمار الباقر أستاذ علم الحيوان بالسودان أن الضبع المرقط لن يكون آخر المهاجرين، فالهجرة الخاصة بالحيوانات البرية من السودان بدأت منذ اندلاع الحرب بين شمال وجنوب السودان قبل أربعة عقود.
وأضاف قائلا: “حينها كان السودان يمتلك عددا من أكبر وأهم المحميات الطبيعية في إفريقيا، تنافس المحميات الموجودة في تنزانيا وكينيا من حيث تعداد الحيوانات والمساحة الجغرافية، ومن بينها: محمية الدندر، ومحمية الردوم، ومحمية سنجنيب البحرية على ساحل البحر الأحمر في شرق السودان”.
كما أشار إلى أن تلك المحميات ثروات لا تقدر بثمن، لكن حرب الجنوب أثرت بشكل كبير على الحياة البرية، خصوصا في حديقة الدندر في جنوب شرق البلاد، حيث عبرت أعداد كبيرة من الأفيال والعديد من الحيوانات البرية الحدود السودانية متجهة إلى إثيوبيا.
إلى ذلك، أوضح الباقر أنه “منذ اندلاع الحرب السودانية في الخامس عشر من أبريل 2023، شهدت المناطق الحدودية بين شمال السودان وجنوب مصر حركة نشطة للمهاجرين نحو الأراضي المصرية، وبالتالي وجدت الحيوانات البرية نفسها في مواجهة مع البشر ما أجبرها على الهجرة إلى مناطق أخرى، حيث يكون السكان في مناطق نزوحها الجديدة غير معتادين على وجودها، مما يؤدي إلى قتلها، كما حدث مع الضبع المنقط”.
أين يعيش الضبع النادر؟
يستوطن الضبع المنقط مناطق سودانية واسعة، أبرزها محمية الدندر الطبيعية في جنوب شرقي البلاد، ومحمية الردوم بدارفور، حيث توفر الغابات الكثيفة والحشائش الطويلة بيئة مثالية له.
كما يتواجد في السهول والسافانا الممتدة بين كردفان ودارفور، حيث يقترب أحيانا من المستوطنات البشرية.
كذلك يعيش في جنوب النيل الأزرق، حيث توفر التضاريس الصخرية والأودية ملاذا آمنا له، فضلا عن شمال السودان، لكنه نادر في المناطق الصحراوية لقلة الغذاء والمياه.