اتهامات إسرائيلية لمصر بالتخلي عن اتفاقية كامب ديفيد

في ظل تصاعد التوتر بين القاهرة وتل أبيب، تتوالى الاتهامات من قادة الجيش الإسرائيلي – السابقين والحاليين – بشأن أسباب تأزم العلاقات مع مصر، وسط مزاعم بنشر قوات وأسلحة ثقيلة في سيناء، ورفض متبادل لتبادل السفراء، ما يعكس قلقًا متزايدًا من تبعات هذا التدهور.
أحدث هذه الاتهامات جاءت على لسان اللواء في قوات الاحتياط إسحاق بريك، الذي كتب مقالًا في صحيفة “معاريف” العبرية تحدث فيه عن التدهور الحاد في العلاقات المصرية الإسرائيلية عقب العدوان على غزة، محذرًا من انعكاسات ذلك على الأمن الإسرائيلي في الجبهة الجنوبية.
“بريك” أوضح أنه منذ اندلاع الحرب على غزة شهدت العلقات بين الجانبين تدهوا مقلقا وصل إلى حد أن مصر قررت عدم إرسال سفير إلى إسرائيل، ونتيجة لذلك فإن إسرائيل لن ترسل سفيراً إلى مصر أيضا، والحقيقة، مشيرا إلى أن مصر تتخلى عن اتفاقية السلام مع إسرائيل دون أن تعلن ذلك صراحة.
أسلحة متطورة
وأضاف، أن مصر لا تكتفي بعدم احترام اتفاقية السلام مع إسرائيل، بل إنها تخلق أيضا علاقات عمل، بما في ذلك شراء الأسلحة وإجراء تدريبات عسكرية مشتركة ، مع الدول التي تعتبر ألد أعداء إسرائيل. اليوم تمتلك مصر أكبر وأقوى جيش في الشرق الأوسط ، وليس لدى إسرائيل رد على ذلك إذا قررت مصر خوض الحرب ضد إسرائيل.
وتابع بريك في مقاله، على مدى العشرين عاماً الماضية، قام جيش الدفاع الإسرائيلي بتقليص ست فرق قتالية، وآلاف الدبابات، و50 بالمئة من سرايا المدفعية، وألوية المشاة، وكتائب الهندسة، ووحدات جمع المعلومات الاستخبارية، وآلاف الأفراد النظاميين.
وعلاوة على ذلك، أدى تقصير الخدمة العسكرية الإلزامية للرجال إلى تقليص عدد المقاتلين النظاميين بشكل كبير، وهذه ليست سوى قائمة جزئية من التخفيضات التي تم إجراؤها، مشيرا إلى أن حجم الجيش البري الإسرائيلي اليوم هو ثلث حجم الجيش الذي كان لدينا قبل عشرين عاما.
الاحتلال غير جاهز لصد أي هجوم مصري
ونتيجة لذلك، لا يملك جيش الدفاع الإسرائيلي حاليا قوات كافية للانتشار على الحدود المصرية، سواء في الأوقات العادية أو في أوقات الحرب. إن جيش الدفاع الإسرائيلي غير قادر على الدفاع ضد أي هجوم مصري، وهو بالتأكيد غير قادر على مهاجمة الجيش المصري.
وأضاف، “لكي نفهم حجم المشكلة التي نواجهها، فمن المهم أن نفهم بعض التفاصيل عن الجيش المصري، وكيف أن إسرائيل حتى يومنا هذا لا تتعامل مع الواقع المرير الذي يتطور ضدنا وتغض الطرف عنه”.
ويشير اللواء في قوات الاحتياط، إلى “زيادة كبيرة في القوة البشرية والأسلحة، حيث شهد الجيش النظامي المصري نمواً بنسبة 30% في السنوات الأخيرة.
كما تم توسيع البنية التحتية العسكرية: قام المصريون ببناء البنية التحتية لتخزين الدبابات والمدفعية والمعدات الميكانيكية الهندسية (EME)، وغيرها. وقد توسعت هذه البنية التحتية في السنوات الأخيرة من 300 ألف متر مربع إلى 2.5 مليون متر مربع، وهو ما يشير إلى توسع الجيش المصري بوتيرة مذهلة.
ولفت إلى الاستعدادات أصبحت بأسلحة غير تقليدية، حيث تشير مقاطع فيديو نشرها المصريون إلى أنهم يقومون بإعداد أسلحة كيميائية وبيولوجية للحرب مع إسرائيل، في مصنع جديد نسبيًا يمكن رؤيته من خلال صور الأقمار الصناعية.
وبحسب بريك، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستعد للحرب على أساس تحليل نوايا العدو، وليس على أساس إمكانات العدو.
انتهاكات لاتفاقية كامب ديفيد
كما تناول انتهاكات اتفاقية السلام في سيناء، ففي اتفاقية السلام مع المصريين، تم الاتفاق على السماح لمصر بالاحتفاظ بفرقة ميكانيكية في سيناء، بالإضافة إلى لواء دبابات إضافي، بإجمالي 47 كتيبة من جميع الأنواع و300 دبابة.
وتابع، “طوال السنوات التي مرت منذ توقيع الاتفاقية، ظل المصريون ينتهكون اتفاقية السلام، واليوم لديهم نحو 180 كتيبة من كافة الأنواع في سيناء، أي أربعة أضعاف ما تم الاتفاق عليه في اتفاقية السلام، أي أربع فرق داخل سيناء”.
كما أشار إلى مخالفة الاتفاقية بنشر القوات، حيث نصت اتفاقية السلام مع مصر على أن الفرقة الميكانيكية الوحيدة المسموح لها بالبقاء داخل سيناء سيكون بمقدورها نشر قواتها على مسافة 60 كيلومتراً من قناة السويس.
وعلى النقيض من الاتفاق، يحتفظ المصريون اليوم بأربع فرق داخل سيناء، مع وجود قوات كبيرة متمركزة في عمق سيناء على مسافة تتجاوز 60 كيلومتراً، مثل العريش وحتى بالقرب من الحدود مع رفح.
وتحدث بريك عن استعدادات معينة للحرب، فمن المؤكد أن المصريين يستعدون للحرب ضد إسرائيل.
ويتجلى ذلك أيضًا في رصف الطرق وبناء المخابئ لتخزين الذخيرة والوقود والغذاء ومهابط الطائرات المروحية وغيرها داخل سيناء.
كما لفت إلى عدم وجود تغطية استخباراتية كاملة لما يحدث في مصر من جهة القناة والغرب، ولذلك، لا يوجد رصد من قبل استخبارات جيش الدفاع الإسرائيلي لتقوية الجيش المصري في كافة المجالات، سواء من حيث الأسلحة بكافة أنواعها أو من حيث البنية التحتية الجديدة، بما في ذلك المصانع التي يستخدمها الجيش المصري.
وقال إن التصريح الذي يستخدمه كثيرون في إسرائيل والجيش ــ أنه لا يوجد ما يدعو للخوف من أن يشن الجيش المصري هجوماً على دولة إسرائيل، لأن صناع القرار في مصر يعرفون جيداً أن دولة إسرائيل قادرة على تدمير سد أسوان على نهر النيل، ومن ثم سوف يفيض حوض النيل ويفقد عشرات الملايين من المصريين حياتهم ــ هو تصريح لا أساس له من الصحة (ولن أشرحه بالتفصيل). لا يمكن إلا أن يقال إن هذا “التهديد” للمصريين لن يثنيهم أو يمنعهم من بدء حرب ضد إسرائيل.