استمرار الحملة الأمنية على صناع محتوى تيك توك يثير قلق المنظمات الحقوقية

واصلت وزارة الداخلية الحملة الأمنية التي تستهدف صناع محتوى تيك توك، معلنة القبض على عدد جديد منهم. وهم: قمر الوكالة، شاكر محظور، ومداهم، وعلياء قمرون، سوزي الأردنية، والتيك توكر محمد عبد العاطي. وذلك بعد بلاغات تقدم بها عدد من المحامين يتهمونهم بـ”إفساد الذوق العام وهدم قيم المجتمع”.
وقالت الوزارة في بيان رسمي إن المقبوض عليهم يواجهون اتهامات مختلفة، من بينها “نشر محتوى خادش للحياء” و”مخالفة القيم الأسرية”. إلى جانب ضبط سلاح ناري غير مرخص وكميات من المواد المخدرة بحوزة أحدهم، بهدف التعاطي.
ولم يحدد بيان الداخلية طبيعة المحتوى المخالف أو الاتهامات بشكل تفصيلي. مكتفيًا بالإشارة إلى أنها تتعلق بـ”نشر محتوى غير لائق” و”إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي”. وهي صيغ اتهامية متكررة في قضايا مماثلة خلال السنوات الأخيرة.
انتقادات حقوقية
من جانبها، انتقدت “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية” هذه الحملة، ووصفتها بأنها “تجريم انتقائي للمحتوى على الإنترنت، يفتقر للمعايير القانونية الواضحة”. وأكدت المبادرة في بيان صادر اليوم أن الحملة طالت سبعة على الأقل من صناع المحتوى، بينهم طفلة دون الثامنة عشرة. مشيرة إلى أن حملة الملاحقات الجارية تأتي ضمن مسار بدأ منذ عام 2020، وبلغ ذروته خلال الأيام الماضية.
واتهمت المبادرة السلطات باستخدام شعارات مثل “قيم الأسرة المصرية” كغطاء قانوني فضفاض لتوقيف الأفراد. مشيرة إلى أن أكثر من 151 شخصًا خضعوا لتحقيقات أو محاكمات في ما لا يقل عن 109 قضايا تتعلق بالمحتوى الرقمي. من بينهم صناع محتوى، وأشخاص ذوو آراء دينية مخالفة، وأفراد يشتبه في ميولهم الجنسية.
واعتبرت المبادرة أن الدعوات الأمنية الأخيرة التي تحث المواطنين على “مراقبة الإنترنت بأنفسهم وتقديم البلاغات”، تؤسس لما وصفته بـ”مجتمع الرقابة الشعبية على الأخلاق”. وأكدت أن هذه الإجراءات تسعى إلى “التطبيع الكامل مع تجريم حرية الرأي، بما في ذلك التعبير غير السياسي. وعداء صريح لمساحة الإنترنت التي تمثل أحد آخر المتنفسات المتاحة أمام المصريين للتعبير الحر”.
ويحذر هؤلاء المراقبون من أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى نتائج عكسية، تتمثل في تعزيز ثقافة الخوف والرقابة الذاتية. ودفع شريحة واسعة من الشباب، خصوصاً الفتيات، إلى العزوف عن المشاركة في الفضاء الرقمي أو الهجرة إلى منصات مغلقة يصعب مراقبتها أو تتبعها.
في المقابل، ترى بعض الأصوات المقربة من دوائر السلطة أن هذه الإجراءات ضرورية لـ”ضبط الانفلات الأخلاقي” على المنصات. وحماية القيم المجتمعية من “موجات المحتوى الهابط والمسيء”، وفق تعبيرهم، وهو ما يفتح باباً واسعاً للنقاش حول حدود الحرية والمسؤولية، ودور الدولة في تنظيم المحتوى دون التحول إلى أداة رقابية مفرطة.
وتأتي هذه التطورات في وقتٍ تشهد فيه مصر توسعاً ملحوظاً في ملاحقة صناع المحتوى على خلفية أخلاقية، وسط غياب إطار قانوني محدد يوضح الفروق بين حرية التعبير والإساءة، ما يخلق حالة من التداخل بين ما هو مخالف فعلاً للقانون، وما هو محل خلاف اجتماعي أو ثقافي.