
في تحرك عسكري أثار جدلاً واسعًا، كشف تقرير حديث لموقع ميدل إيست آي البريطاني عن دور بارز للإمارات وقوات خليفة حفتر في تمكين قوات الدعم السريع من السيطرة على المثلث الحدودي الاستراتيجي بين مصر والسودان وليبيا، رغم تحالف أبوظبي وحفتر الوثيق مع القيادة المصرية الحالية.
الموقع أشار في تقريره إلى أن الحدود البرية بين مصر والسودان وليبيا شهدت، في يونيو الماضي، تحولًا استراتيجيًا بعد سيطرة قوات الدعم السريع على منطقة المثلث الحدودي الحساسة.
دعم الإمارات وحفتر
وكشف التقرير، المدعوم بصور أقمار صناعية وبيانات رحلات وشهادات شهود عيان، أن العملية لم تكن لتتم دون دعم ميليشيات ليبية موالية لخليفة حفتر، ورعاية مباشرة من الإمارات، ودور لوجستي روسي.
لفت التقرير إلى أن هذا الحدث لم يغير موازين القوى على الأرض فحسب، بل فجّر أيضًا توترات إقليمية بين حلفاء الأمس، وعلى رأسهم الإمارات ومصر، وفتح الباب أمام سباق نفوذ إقليمي في بلد غني بالموارد وساحل استراتيجي طويل.
كيف بدأت القصة؟
في يوم 10 يونيو، شاهد إسماعيل حسن – عامل منجم ذهب في سوق “الكتامة” – أكثر من 250 عربة عسكرية مجهزة بالكامل تدخل البلدة. كانت العربات تقل مقاتلين من قوات حميدتي ومجموعات مرتزقة ليبية مرتبطة بحفتر.
بحسب شهادته، دخلت القوات السوق وأعلنت السيطرة على المنطقة، ثم انسحبت القوات الليبية تاركة “الدعم السريع”. لنهب الذهب والأموال والسيارات والهواتف. هذه الفوضى أجبرت كثيرًا من عمال المناجم على الفرار.
انسحاب الجيش السوداني
وأمام ضغط الميليشيا المتمردة، انسحبت قوات الجيش السوداني، وبعد يومين، في 12 يونيو، أعلنت “الدعم السريع” رسميًا السيطرة على “المثلث”. ما منحها نقطة نفوذ إضافية في الغرب، في حين بقي الجيش ممسكًا بالعاصمة الخرطوم وأجزاء من وسط السودان.
ووفقًا لصور الأقمار الصناعية وبيانات تتبع الرحلات الجوية التي اطلع عليها ميدل إيست آي، إضافة إلى مقابلات مع عمال مناجم الذهب وشهود عيان آخرين. فإن هذا النجاح في المناطق الحدودية البرية والقانونية المنفلتة. لم يكن ممكنًا دون قوات حفتر الليبية ورعاية كل من الإمارات وروسيا.
دور قوات حفتر
كشف التقرير أن ميليشيا “سبل السلام” التابعة لحفتر لعبت دورًا رئيسيًا في تمكين قوات حميدتي من السيطرة.
وذكر عمال مناجم وجود مقاتلين ليبيين داخل السوق، فيما أفاد آخرون أن “كتيبة طارق بن زياد” التابعة لصدام حفتر كانت جزءًا من الهجوم. وأن صدام تابع العملية عن قرب قبل أن يأمر بانسحاب قواته.
بعد السيطرة على “المثلث”، واصلت “الدعم السريع” التقدم شمالًا نحو “كرب التوم” قرب جبال أركنو، وسيطرت على قرى أخرى. بينما انسحب بعض مقاتلي “القوات المشتركة” (التابعة للجيش السوداني) عبر مصر برفقة الجيش. وسط أنباء عن عبور عناصر من قوات حميدتي الحدود المصرية قبل أن يتلقوا أوامر بالانسحاب.
دور الإمارات
مصادر ليبية وسودانية ودبلوماسي أمريكي سابق قالوا لـ ميدل إيست آي إن الإمارات منحت “الدعم السريع” وقوات حفتر. الضوء الأخضر والدعم اللوجستي للسيطرة على “المثلث”.
ورغم نفي أبوظبي، فإن التقرير يصفها بـ”الراعي الرئيسي” لقوات الدعم السريع منذ بداية الحرب.
وكشف بحث غير منشور من باحث ليبي عن هبوط طائرتين إماراتيتين في مطار الكفرة يوم 10 يوليو، محملتين بالأسلحة والإمدادات. نُقلت إلى دارفور عبر الحدود التشادية–الليبية.
كما وجهت الإمارات حفتر بسحب قوات من المعسكر 87 في بنغازي لدعم قوات حميدتي بمئات المركبات.
اقرأ أيضا
كيف رأي خبراء سيطرة الدعم السريع على منطقة المثلث الحدودي بين مصر والسودان
طائرات روسية في السودان
كما كشفت صور الأقمار الصناعية، التي أوردتها وكالة الأنباء الإيطالية “نوفا”، أنه تم مؤخرًا تعقب طائرتي شحن من صنع روسي تقلعان من مطار الكفرة. متجهتين إلى مناطق تابعة لقوات الدعم السريع في السودان.
ووفقًا لتقارير سابقة لـ ميدل إيست آي وللصور التي وفرها برنامج “كوبرنيكوس”. فإن طائرة “إيل-76” تُستخدم عادةً لنقل الأفراد والمعدات العسكرية. إضافةً إلى العمليات اللوجستية متوسطة المدى.
وكانت هذه الشحنة جزءًا من تدفق شحنات الأسلحة الموجهة إماراتيًا من جنوب شرق ليبيا إلى قوات الدعم السريع. وهو خط إمداد بدأ منذ مايو، أي قبل شهر من سيطرة الميليشيا على الجزء السوداني من المثلث الحدودي.
مكاسب الدعم السريع
السيطرة على منطقة المثلث منحت “الدعم السريع” حدودًا مع خمس دول: جنوب السودان، إفريقيا الوسطى، تشاد، ليبيا، ومصر.