فيضانات السودان تتفاقم والتحذير الأحمر يُفعّل.. مخاوف من تأثيرات مباشرة على مصر

أطلقت وزارة الريّ والتحكّم المائي في السودان، تحذيرا من الفئة الحمراء لعدة ولايات على امتداد ضفتي النيل. بما في ذلك ولايات الخرطوم، والنيل الأبيض، والنيل الأزرق، بعد تسجيل ارتفاع مُلفت في منسوب المياه نتيجة تدفّق متزايد من روافد النيل الأزرق والأبيض.
بحسب البيان الرسمي، فإن محطات المراقبة سجلت أن المياه وصلت إلى مستويات الفيضانات في مدن مثل ود العيس، ومدني، والشندي، وأطراف العاصمة الخرطوم. كما تم التأكيد على أن المناطق المنخفضة ستشهد غمرًا للمزارع والمنازل إذا لم تُتّخذ احتياطات فورية.
وأفاد البيان بأنه منذ 30 يونيو الماضي، تأثّر أكثر من 125,000 شخص جراء الأمطار الغزيرة والفيضانات في أنحاء السودان.
أضرار الزراعة والبُنى التحتية تتزايد
في ولاية الجزيرة وسوهاج السودانية، تضرّرت مساحات زراعية كبيرة في مناطق مثل قندل وديم المشايخة. حيث غمرتها المياه أو غسلت التربة، متسببة في خسائر فادحة في المحاصيل التي تشمل الخضروات والفواكه.
في ولاية نهر النيل، اجتاحت فيضان المفاجئ مناطق مثل قرية “نوا” شمال دنقلا. حيث اجتُرفت مياه الفيضان بعض المنازل وانهيارات جزئية في البنية التحتية. إلى جانب قطع الطريق القومي الرابط بين نوا ودنقلا نتيجة انجراف أجزاء من الإسفلت.
كما شهدت مدينة الدامر (ولاية نهر النيل) فيضانات مفاجئة أسفرت عن سقوط قتلى وأضرار في عدة أحياء، بعد هطول أمطار غزيرة بسرعة.
جانب آخر من الأثر كان انهيارا كارثيا في قرية تاراسين في جبال المراّ بولاية دارفور (غرب السودان): بعد أيام من الأمطار المتلاحقة. اندلعت انهيارات أرضية ضخمة قضت على القرية. وتقدر أعداد الضحايا بين 375 إلى أكثر من 1,000 شخص حسب المصادر المتفاوتة، مع بقاء الكثيرين تحت أنقاض التربة.
جدل حول دور سد النهضة وإجراءات التصريف
في خضم هذه الأزمة، تصاعد الجدل حول مدى تأثير السد الإثيوبي (سد النهضة) على تدهور أو التخفيف من حدة الفيضانات.
من جهة، تقدّمت إثيوبيا بتصريحات تفيد بأن السد ساهم في خفض الضرر من الفيضانات في السودان، بفضل تنظيمه للتدفق المائي.
من جهة مقابلة بعض التراكمات في السد لم يتم تفريغها تدريجيا. وأن أعطال في بعض التوربينات أخّرت التصريف المنظم. مما أدى بدوره إلى فيضانات إضافية داخل الأراضي السودانية.
من جانبها عبرت مصر عن قلقها من أن أية عمليات تصريف مفاجئة قد يتم ممارَستها دون تنسيق. معتبرة أن ذلك يشكّل “انتهاكا لحقوق الدول المتأثرة أسفل النيل.”
مخاوف في مصر من تداعيات الفيضانات السودانية
في القاهرة، قالت مصادر بوزارة الموارد المائية والري. إن الفيضانات التي يشهدها السودان تثير مخاوف جدية بشأن التدفقات المائية القادمة عبر النيل. خاصة في ظل استمرار عدم وجود تنسيق كامل مع إثيوبيا بشأن تشغيل سد النهضة.
وأكدت المصادر أن أي تصريف مفاجئ للمياه من السدود السودانية أو الإثيوبية. قد يؤدي إلى ارتفاع منسوب النيل داخل الأراضي المصرية. مما يضع ضغوطا إضافية على السد العالي وشبكات الترع، ويهدد بحدوث فيضانات محلية في بعض المناطق المنخفضة.
وأوضحت الوزارة أن الفيضانات في السودان. قد تؤثر كذلك على مواعيد وكميات الري الزراعي داخل مصر. خصوصا في محافظات الصعيد والدلتا، التي تعتمد على جدول زمني دقيق لتوزيع المياه. كما حذّرت من أن جريان السيول المحملة بالرواسب والملوثات قد يُغيّر من خصائص المياه وجودتها عند وصولها إلى الأراضي المصرية.
من جهة أخرى، اعتبر خبراء مصريون أن الأزمة المائية المتجددة على ضفاف النيل. قد تزيد من حدة التوترات السياسية بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، في ظل تعثّر المفاوضات حول قواعد تشغيل سد النهضة، مؤكدين أن الأحداث الأخيرة تؤكد الحاجة إلى آلية إقليمية مشتركة لإدارة مياه النيل بشكل منظم وشفاف.