تقاريرمحلي

كواليس خفية تكشف عن صراع نفوذ بين مصر وإثيوبيا

تشهد العلاقات المصرية الإثيوبية تصعيداً جديداً بعد اتهامات مباشرة وجّهتها وزارة الموارد المائية والري لإثيوبيا. على خلفية ما وصفته القاهرة بـ”الإدارة العشوائية” لتشغيل سد النهضة. في تطور ينذر باتساع الأزمة وتحوّلها إلى ساحة صراع نفوذ إقليمي بين مصر وإثيوبيا.

إثيوبيا تتلاعب بمفيض السد

وزارة الري قالت في بيان رسمي إن إثيوبيا قامت بتجميع المياه عبر إغلاق مفيض الطوارئ بهدف رفع منسوب بحيرة السد. ثم قامت بصرف المياه بشكل مفاجئ، قبل أن تعود لإغلاق المفيض مرة أخرى “بشكل عشوائي للغاية”، على حد وصف البيان.

وأوضحت الوزارة أنها اضطرت إلى فتح مفيض توشكى لاستيعاب الزيادات “غير المنضبطة” في كميات المياه القادمة من السد، محذّرة من خطورة استمرار الإدارة الأحادية لإثيوبيا.

وأضافت الوزارة أن أديس أبابا أغلقت المفيض مرة أخرى في 31 أكتوبر، فيما استقرت التصريفات خلال الفترة من 1 إلى 20 نوفمبر عند متوسط 180 مليون متر مكعب يومياً. بزيادة تقارب 80% عن المتوسط التاريخي البالغ نحو 100 مليون متر مكعب يومياً لنفس الفترة.

سباق نفوذ جديد في شرق إفريقيا

منذ إعلان إثيوبيا افتتاح سد النهضة رسمياً في سبتمبر الماضي، تحولت منطقة شرق إفريقيا إلى ساحة تنافس سياسي وأمني واقتصادي بين القاهرة وأديس أبابا. حيث تسعى كل منهما لتعزيز حضورها الإقليمي وبسط نفوذها بين دول المنطقة.

وبالتزامن مع تحركات إثيوبيا للبحث عن موطئ قدم على ساحل البحر الأحمر، كثّفت مصر من حضورها السياسي والأمني في دول جوار إثيوبيا. بهدف استباق أي تمدد إثيوبي في منطقة القرن الإفريقي ذات الأهمية الاستراتيجية.

ومن أبرز هذه التحركات المصرية تعزيز التعاون مع جيبوتي. والمشاركة في تنفيذ مشروعات داخل ميناء دوراليه الذي تعتمد عليه إثيوبيا في نقل أغلب وارداتها وصادراتها.

القاهرة بلا أدوات ضغط

مصدر مطلع على ملف العلاقات المصرية الإثيوبية قال لـ”عربي بوست” إن القاهرة تراهن على تضييق الخناق الإقليمي على أديس أبابا لدفعها نحو تقديم تنازلات في ملف السد، خاصة بعد أن وجدت مصر نفسها “بلا أدوات ضغط تقريباً” خلال السنوات الماضية.

وبحسب المصدر، فقد كثّفت مصر تعاونها مع دول مثل إريتريا والصومال. وكانت وزارة الخارجية المصرية قد أعلنت في سبتمبر 2024 تسليم شحنة مساعدات عسكرية إلى مقديشو لدعم الجيش الصومالي. وذلك بعد شحنة سابقة كشفت عنها وسائل إعلام دون تعليق رسمي من القاهرة.

إثيوبيا توسّع نفوذها

في المقابل، تتحرك إثيوبيا بدورها لتعزيز نفوذها الإقليمي، حيث وقّعت مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال الانفصالي تتيح لها استخدام واجهة بحرية بطول 20 كيلومتراً لمدة 50 عاماً.

كما أطلقت أديس أبابا مرحلة جديدة من التصنيع الدفاعي بالشراكة مع نيجيريا لتطوير طائرات مسيّرة محلية الصنع لأغراض مدنية وعسكرية. إلى جانب توقيع اتفاقية دفاعية جديدة مع كينيا تشمل تطوير الصناعات الدفاعية وتبادل المعلومات الاستخباراتية والتدريب العسكري.

السد أداة ضغط سياسي واقتصادي

أحد السياسيين أكد لـ”عربي بوست” أن امتلاك إثيوبيا القدرة على التحكم في بحيرة السد يحول المياه إلى “أداة ضغط سياسي واقتصادي” على مصر، لما لذلك من تأثير مباشر على الأمن المائي والزراعي.

كما قال خبير سياسي آخر للموقع إن غياب اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة قد يؤدي إلى تراجع الإنتاج المحلي في مصر وارتفاع أسعار الغذاء وزيادة التضخم والفقر الريفي، وهو ما يجعل الاقتصاد المصري عرضة لمخاطر متكررة تتجاوز القطاع الزراعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى