
أثار توقيع السلطات المصرية صفقة طويلة الأجل مع إسرائيل لتوريد الغاز الطبيعي جدلا واسعا، بعدما كشفت تقارير عن إبرام اتفاق بقيمة 35 مليار دولار، لتزويد مصر بنحو 130 مليار متر مكعب من الغاز الإسرائيلي حتى عام 2040.
الصفقة الجديدة وُصفت من قبل مراقبين بأنها “صفقة مشبوهة”، لا سيما وأنها جاءت في توقيت حرج، تشهد فيه المنطقة توترًا متصاعدًا بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، ما دفع كثيرين للتساؤل عن مبررات التعاون مع “دولة احتلال” في هذا التوقيت بالذات.
أسئلة مشروعة تتصاعد في وجه القرار المصري
في أعقاب توقيع الاتفاق، تصاعدت موجة من التساؤلات والاستفهامات المشروعة في الأوساط الشعبية والإعلامية حول أسباب الإصرار على ربط ملف الطاقة المصري بالغاز الإسرائيلي، بدلا من تنويع مصادر الاستيراد من دول شقيقة وصديقة مثل قطر والجزائر وماليزيا، التي تتيح الغاز بأسعار وتكاليف سياسية أقل.
كما تساءل مراقبون عن أين ذهبت وعود الحكومة السابقة بتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي؟ وأين موقع حقل “ظُهر” الذي وصِف رسميا بأنه أضخم اكتشاف غاز في شرق المتوسط، وقيل إن احتياطاته تكفي لتلبية السوق المحلية وتصدير الفائض لسنوات طويلة؟
تناقضات في السياسة والتصريحات
الاتفاق الأخير يأتي بعد سنوات من تصريحات رسمية كررت التأكيد على أن مصر أصبحت مركزًا إقليميًا للطاقة، خصوصا بعد الإعلان عن توقيع اتفاقات مع دول متوسطية مثل قبرص واليونان، لتسييل وتصدير الغاز من الحقول القبرصية إلى الأسواق الأوروبية عبر منشآت الإسالة المصرية في إدكو ودمياط.
وفي المقابل، يكشف الاتفاق الجديد مع إسرائيل أن مصر ملزمة بدفع قيمة الغاز حتى لو لم تستلمه فعليا، بحسب بنود التعاقد، إلى جانب إلغاء بند سابق كان يسمح بتقليل الكميات حال انخفاض سعر النفط عن 50 دولارا للبرميل، مما يضاعف العبء المالي على الموازنة العامة.
فاتورة متضخمة للغاز.. من أين التمويل؟
بحسب تقديرات وكالة “بلومبيرج”، فإن فاتورة واردات مصر من الغاز الطبيعي المسال خلال عام 2025 قد تصل إلى 20 مليار دولار، بزيادة تقارب 60% عن العام السابق الذي سجل نحو 12.5 مليار دولار.
هذا الرقم الضخم يطرح تساؤلات إضافية حول كيفية تدبير التمويل اللازم، في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، وتراجع احتياطيات النقد الأجنبي، وتصاعد أعباء الدين الخارجي.
انتقادات شعبية وإعلامية
في خضم الجدل، تداول رواد مواقع التواصل مقاطع فيديو وتصريحات إعلامية قديمة تعود لعام 2018 لعبد الفتاح السيسي، كان قد أعلن فيها أن مصر سجلت “هدفا كبيرا” في ملف الغاز الإسرائيلي، مؤكدًا أن الدولة تتحول إلى مركز إقليمي لتداول الطاقة.
غير أن كثيرين يرون أن “الهدف الكبير” الذي تحدّث عنه الرئيس، تحوّل إلى عبء مالي وسيادي، نتيجة اتفاقات طويلة الأجل، تثقل كاهل الاقتصاد المصري، وتثير الشكوك حول استقلالية القرار الوطني في ملف الطاقة.