عربي ودوليمحلي

تفاصيل التعديلات على المبادرة المصرية لوقف العدوان على غزة

تصاعد الحديث خلال الساعات الماضية عن المبادرة المصرية التي طرحتها القاهرة مؤخراً لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وإنهاء الحرب، في وقت شهدت فيه الساعات الأخيرة تبلور عدة مواقف مرتبطة بالصراع الدائر، جميعها صبت باتجاه الاعتراض على ما جاء في المبادرة من بنود.

بحسب مصادر أمنية مطلعة، فإن مقترح المبادرة المصرية الأولي أقدمت على هندسته أجهزة الاستخبارات بالتنسيق والتشاور مع الولايات المتحدة الأمريكية، لكن جرى رفضه من جانب حركة المقاومة الفلسطينية “حماس”، وكذلك دولة الاحتلال الإسرائيلي، فيما قبلت به السلطة الفلسطينية التي تعد الطرف الأضعف في المعادلة.

وقال المصدر الأمني المطلع على تفاصيل المبادرة، لـ”عربي بوست”، إن ردود الأفعال على الشكل الأولي للمبادرة من جانب إسرائيل وحركة حماس تشي بأنها قد لا تكون قابلة للتطبيق، وإن القاهرة تلقت ردوداً مباشرة من المقاومة الفلسطينية برفض المقترح الذي يسلب حكم قطاع غزة من حركة حماس، وكذلك الوضع بالنسبة لإسرائيل التي طالبت بأن تقتصر على تنفيذ مرحلة تبادل الأسرى فقط.

وأضاف المصدر ذاته أن السلطة الفلسطينية اعترضت في البداية على وجود نص يدفع نحو تشكيل حكومة تكنوقراط تشرف على إدارة قطاع غزة والضفة الغربية بمشاركة جميع الفصائل بما فيها حركة حماس، وطالبت بأن تقتصر على جهود إنهاء الحرب ثم التطرق إلى تفاصيل إدارة القطاع وإعادة هيكلة مؤسسات السلطة الفلسطينية.

وأشار إلى أن القاهرة تلقت رداً من حركة حماس مفاده أن مشاركتها ضمن حكومة فلسطينية تدير قطاع غزة أمر غير مقبول بالنسبة لها، لأن ذلك يعني أنها فقدت سيطرتها على القطاع، ويشي ذلك بأن أحد أهداف إسرائيل قد تحققت، في حين أن الحرب تسببت في خسائر فادحة، فيما الحركة قدمت تضحيات عديدة حتى تواجه آلة الحرب الإسرائيلية.

وأوضح المصدر أن الاتصالات التي أجرتها القاهرة مع جهات استخباراتية إسرائيلية، أكدت على رغبتها في الاكتفاء بتنفيذ البنود الأولى، وهو ما اعتبرته القاهرة رغبة منها في القضاء على فكرة الدولة الفلسطينية وإنهاء وجود الفلسطينيين في قطاع غزة، الأمر الذي تسبب في حالة من الإحباط لدى الجهات التي أشرفت على هندسة المبادرة لكنها لم تفقد الأمل بشكل كامل في إنهاء الحرب.

وكانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قد رفضت في بيان أخير، عقب اجتماعها الإثنين الماضي، برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومن دون الإشارة إلى مصر، “ورقة مبادرة تتحدث عن ثلاث مراحل، بما فيها الحديث عن تشكيل حكومة فلسطينية لإدارة الضفة وغزة، بعيداً عن مسؤولية المنظمة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني”.

وذكر المصدر الأمني أن القاهرة أدخلت تعديلات على المبادرة، لتحظى لاحقاً برضا السلطة التي تجد في المبادرة مدخلاً مهماً من الممكن أن يساعدها لفرض سيطرتها على قطاع غزة، بعيداً عن أي طروحات أمريكية أو إسرائيلية حتى لا تظهر كأنها جاءت على “ظهر دبابات الاحتلال”، حسب قوله. لكن لم يتضح بعد موقف إسرائيل وحماس.

من هنا، كشف مصدر مطلع في السلطة الفلسطينية عن تفاصيل المبادرة المصرية بعد التعديلات، موضحاً أنها تتكون من 3 مراحل، بعدما تم إلغاء البنود التي تتعلق بشكل الحكم والإدارة في قطاع غزة والضفة الغربية عقب الحرب، بعد أن كانت تقترح في صورتها الأولى تشكيل حكومة تكنوقراط.

وتتضمن المرحلة الأولى هدنة إنسانية مدتها 10 أيام، تقوم حركة حماس خلالها بالإفراج عن كافة الأسرى الإسرائيليين لديها من الأطفال والنساء وكبار السن، مقابل إفراج إسرائيل عن عدد مناسب يتم الاتفاق عليه من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

وأضاف أن المرحلة الأولى تتضمن كذلك التوصل لاتفاق يقضي بوقف كامل لإطلاق النار من الجانبين يبدأ قبل 48 ساعة من بدء ترتيبات المرحلة للتوافق على العدد النهائي للأسرى من الجانبين وأسمائهم، ويعقب ذلك إعادة انتشار طفيف للقوات الإسرائيلية بحيث تتواجد بعيداً عن التجمعات السكنية وتسمح بحركة المواطنين من جنوب القطاع إلى شماله بما فيها حركة السيارات والشاحنات.

كما تشمل وقف كل أشكال التحليق الجوي الإسرائيلي، بما في ذلك طائرات الاستطلاع، ويتزامن مع هذه المرحلة مضاعفة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية بما في ذلك إلى مناطق شمال القطاع.

وأشار إلى أن المرحلة الثانية تتضمن الإفراج عن كافة المجندات المحتجزات لدى حركة حماس مقابل إطلاق إسرائيل سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين إلى جانب تسليم كافة الجثامين المحتجزة لدى الجانبين منذ بدء العمليات في 7 أكتوبر الماضي، ولم تحدد المبادرة أعداد المفرج عنهم من الجانبين وتركتها لمباحثات تأتي في مرحلة تالية قبل تنفيذها، على أن تمتد هذه المرحلة لمدة أسبوع وفق معايير وإجراءات المرحلة الأولى.

أما المرحلة الثالثة فهي وفقاً للمصدر، تمتد لمدة شهر وخلال تلك الفترة يتم التفاوض مع حركة حماس بشأن الإفراج عن كافة الجنود المحتجزين لديها مقابل إطلاق إسرائيل سراح عدد يتم الاتفاق عليه من الأسرى الفلسطينيين، وخلال تلك الفترة أيضاً يكون هناك إعادة انتشار كامل للقوات الإسرائيلية خارج حدود القطاع، مع استمرار وقف جميع الأنشطة الجوية والتزام حركة حماس بوقف كافة الأنشطة العسكرية ضد إسرائيل، مشيراً إلى أن المبادرة نصت كذلك على أنه لا يمكن الانتقال من مرحلة إلى أخرى دون تنفيذ كافة تفاصيل المرحلة التي تسبقها.

واشنطن توافق وضغوط على إسرائيل

بالعودة إلى المصدر الأمني المصري، فقد كشف عن أن الأيام المقبلة ستشهد نقاشات أخرى مع منظمة التحرير الفلسطينية وكذلك مع وفد استخباراتي إسرائيلي من المتوقع أن يصل القاهرة خلال الأيام المقبلة، والوضع ذاته بالنسبة لحركة حماس ومن المتوقع إدخال تعديلات جديدة على المبادرة لحين بلورتها بشكل نهائي.

ويشدد المصدر ذاته على أن المبادرة حظيت في بعض بنودها على موافقة الولايات المتحدة الأمريكية، وأن القاهرة كانت حريصة على أن تخرج بصورتها الأولية بشكل يحظى على توافق شبه كامل من جانبها بما يدعم الضغط على إسرائيل لتنفيذها. 

وأشار إلى أن الخلافات بين مصر والإدارة الأمريكية تتمثل في رغبة القاهرة بأن تكون خطوات وقف إطلاق النار متزامنة مع جهود حل الدولتين ووضع جدول زمني يمكن من خلاله إقامة الدولة الفلسطينية، وإن كان ذلك متضمناً تقديم بعض الضمانات لإسرائيل بشأن هذه الدولة، وهو ما تعترض عليه الولايات المتحدة التي تطالب بأن يكون ذلك في مرحلة لاحقة، وترى القاهرة أن ذلك يشكل تسويفاً جديداً لجهود السلام.

وأكد أن القاهرة سوف تعمل خلال الأيام المقبلة على تسويق خطتها لوقف الحرب من خلال طرحها على دول غربية عديدة أضحى لديها مواقفة مؤيدة لإنهاء الحرب، على أن يتضمن ذلك تكثيف الجهود كذلك مع الجانب القطري الذي لديه قدرة على التواصل مع قيادات حماس بشكل أكثر قرباً، إلى جانب جهودها الحالية بشأن إدخال المساعدات وعلاج الجرحى ومحاولة الضغط على إسرائيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى