حقوقيون: تنصت القضاء على الاجتماعات الخاصة بـ”الإجراءات الجنائية” مخالف للدستور

لا تزال تداعيات الموافقة على تنصت القضاء على المجالس الخاصة تلقي بظلالها، وسط رفض وساع بين الحقوقين لما يمثله من اعتداء على خصوصوية المواطنين.
المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة عبر عن قلقه البالغ من موافقة البرلمان على نص المادة 79 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية، والذي يسمح العامة بمراقبة المراسلات والهواتف الخاصة والتنصت على الاجتماعات الخاصة بموجب إذن مسبب من القضاء يصدر لمدة 30 يومًا مع إتاحة تجديد المدة لمرة مماثلة أو لمدد أخرى.
نص المادة
وتنص تلك المادة التي أقرها مجلس النواب أول أمس على أنه “يجوز لعضو النيابة العامة، بعد الحصول على إذن من القاضي الجزئي أن يصدر أمرًا بضبط جميع الخطابات والرسائل والبرقيات والجرائد والمطبوعات والطرود”.
“وأن يأمر بمراقبة الاتصالات السلكية واللا سلكية، وحسابات مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي ومحتوياتها المختلفة غير المتاحة للكافة، والبريد الإلكتروني، والرسائل النصية أو المسموعة أو المصورة على الهواتف أو الأجهزة أو أي وسيلة تقنية أخرى، وضبط الوسائط الحاوية لها أو إجراء تسجيلات الأحاديث التي جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر”، حسب نص المادة.
مخالفة واضحة للدستور
وقال المركز العربي في بيان اطلعت عليه المنصة إن المادة بنصها الممرَّر تعد مخالفة واضحة للنصوص الدستورية وخاصة الفقرة الثانية من المادة 73 من الدستور، التي تكفل حق الاجتماع الخاص سلميًا، دون الحاجة إلى إخطار سابق، وتحظر على رجال الأمن حضوره أو مراقبته، أو التنصت عليه.
وأكد أن الحكم الدستوري واضح وصريح بحظر مراقبة الاجتماعات الخاصة أو التنصت عليها، مؤكدًا أنه “حكم عام، لا إحالة فيه إلى قانون ولا إلى أي سلطة كما هو الحال في نص المادة 57 من الدستور التي وجدت الحكومة فيها مخرجًا يتيح للنيابة العامة بعد الحصول على إذن من القاضي بمراقبة والتنصت على الأحاديث التي تجري في أماكن خاصة”.
وشدَّد المركز على أنه إذا كان الواجب قراءة نصوص الدستور جملة وعدم تجزئتها لأنه وحدة واحدة “فإن هذه القراءة تقتضي من المشرع أن يحذف عبارة (أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص) اتساقًا مع نص الفقرة الثانية من المادة 73 بالدستور”.
وفي السياق، طالب “العربي لاستقلال القضاء والمحاماة” مجلس النواب بمراجعة نص هذه المادة وتعديله في ضوء أحكام الدستور، ودراسة المواد المطروحة عليه بما يضمن خروجها بشكل يسهم في تعزيز العدالة وإقرار المزيد من الضمانات للمخاطبين بأحكام القوانين الجنائية للموازنة بين حقوقهم وحق المجتمع، وتنقيتها من أي شبهات تتعلق بالمساس بالحقوق الشخصية والجماعية للأفراد وحرمة الاجتماعات الخاصة.
وخلال الشهر الماضي، وافق مجلس النواب على مشروع قانون الإجراءات الجنائية من حيث المبدأ، الذي سبق أن تعرض لانتقادات من الحقوقيين ونقابة الصحفيين التي أعدت ورقة، وأرسلت تعليقات لمجلس النواب على النصوص التي تنتقص من حقوق المواطنين خلال مرحلة القبض والتحقيق والمحاكمات.