
مثلت تصريحات البنك الدولي في أحدث تقاريره بأنه يتعين على حكومة مصر سداد 43.2 مليار دولار التزامات ديونا خارجية بأول 9 أشهر من 2025، صدمة كبيرة لدى كثير من الاقتصاديين المصريين، وعن مدى قدرتها على السداد.
ويشمل المبلغ المشار إليه سداد قروض، وودائع، واتفاقيات مبادلة عملة للبنك المركزي، والبنوك التجارية، وجميعها عبارة عن 5.9 مليار دولار فوائد، و37.3 مليار دولار أصل قروض.
رقم مرعب
ما أعلنه البنك الدولي عن ديون 2025، خاصة مع احتياطي نقدي لا يتعدى 47.109 مليار دولار، دفع البعض لوصف الرقم بالمرعب، وبالتكهن بأنها مقدمات للإفلاس، والقول إن مصر تحتاج معجزة للسداد، أو أنها ستفرط فيما هو أكبر من “رأس الحكمة”، لإنقاذ اقتصاد يعاني أزمات هيكلية مزمنة، وشعب يصل 107 ملايين نسمة، ويعاني أغلبه الفقر وضعف القدرة على توفير المستلزمات الأساسية.
وبحسب ما نقلته “العربية بيزنس”، يتوزع سداد تلك الالتزامات على الحكومة المصرية بنحو 10.4 مليار دولار، والبنك المركزي المصري نحو 21.2 مليار دولار، والبنوك التجارية نحو 8.1 مليار دولار، والقطاعات الأخرى نحو 3.5 مليار دولار.
وتتوزع الالتزامات بين قروض بقيمة 17.1 مليار دولار، و20.5 مليار دولار ودائع واتفاقيات مبادلة عملة يتعين على البنك المركزي سدادها، بخلاف 272 مليون دولار ودائع وعملات مُستحقة على البنوك، ونحو 3.1 مليار دولار أوراق دين، ونحو 2.1 مليار دولار تسهيلات تجارة.
بيع رأس الحكمة لسداد ديون 2024
وفي 25 ديسمبر الماضي، أكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، أن مصر سددت 38.7 مليار دولار من الديون المستحقة عليها في 2024.
ومثلت صفقة بيع أرض “رأس الحكمة” في الساحل الشمالي الغربي، لدولة الإمارات في مارس 2024، طوق نجاة للحكومة من أزمة مستحقات الدين الخارجي العام الماضي، ما يدفع للتساؤل عن حلول القاهرة لمواجهة أزمة العام الجديد مع ديون وفوائد ومتأخرات مستحقة بأكثر من 43 مليار دولار، وفق آخر بيانات البنك الدولي.
والأحد الماضي، قال وزير المالية أحمد كوجك، إن الحكومة استخدمت حصيلة صفقة “رأس الحكمة” -35 مليار دولار- بكفاءة، وأنها أسهمت بتراجع قيمته 3 مليارات دولار بحجم الدين الخارجي الذي سجل 155.3 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي.
قروض متواصلة
وفي الوقت الذي تعاني فيه مصر من حجم القروض، أقر لها الاتحاد الأوروبي في مارس الماضي، حزمة تمويلية بإجمالي 7.4 مليار يورو على شكل منح وقروض حتى نهاية عام 2027، حصلت منها الحكومة المصرية على مليار يورو نهاية ديسمبر الماضي.
وأعلنت وزيرة التخطيط رانيا المشاط، الثلاثاء، عن بدء مصر مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، للحصول على تمويل بـ4 مليارات يورو، في يونيو المقبل، لدعم الموازنة المحلية.
ومنذ مارس 2024، تواصل حكومة القاهرة الحصول على دفعات قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات بعد رفع قيمته من 3 مليارات لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي، والذي يتبقى له 4 شرائح في ربيع وخريف 2025 و2026، كل منها تبلغ نحو 1.2 مليار دولار.
وبلغ إجمالي التزامات مصر تجاه صندوق النقد الدولي 13.2 مليار دولار، ما يتجاوز مجموع ديون 8 دول عربية للصندوق، وهي: الأردن والسودان وتونس والمغرب وموريتانيا والصومال وجيبوتي وجزر القمر، بمقدار 7.2 مليار دولار حتى 5 نوفمبر الماضي، وفقا لبيانات الصندوق.
كيف ستسدد مصر ديون 2025
الخبيرة والأكاديمية الدكتورة علياء المهدي قالت في حديثها لعربي 21، حول قراءتها للموقف المصري في ملف الديون، إنه كما ساهمت صفقة رأس الحكمة مع تمويل أوروبي ومن صندوق النقد في حل أزمة مستحقات دين 2024، فإن الحكومة المصرية كي تحل أزمة أقساط وخدمة ديون العام الجديد، ستواصل ذات التوجه”.
وأضافت: “أعتقد أن مواصلة بيع الأصول العامة والحكومية سيبقى كحل مستمر للأزمة المالية الحالية وتبعات الدين الخارجي، من وجهة نظر حكومية”.
واتفق معها الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى شاهين، لـ”عربي21″، معربا عن أسفه من أن “إجمالي هذا الاحتياطي النقدي لا يكفي لسداد كامل الديون؛ فلهذا فإن الحكومة المصرية ستكون مضطرة في إحدى الحلول المتاحة أمامها للاقتراض الخارجي مرة أخرى”، ملمحا إلى تبعات هذا التوجه والاستمرار فيه.
ويبدو أنه على غرار تحويل الإمارات نحو 11 مليار قيمة ودائعها بالبنك المركزي المصري إلى صفقة “رأس الحكمة”، تتجه دول عربية كالسعودية إلى حذو حذوها وتحويل ودائعها إلى استثمارات، فيما تبلغ قيمة الودائع العربية قصيرة الأجل 11.7 مليار دولار، وتصل متوسطة الأجل لـ9.3 مليار دولار.