اقتصاد

صندوق النقد يؤجل صرف الشريحة الخامسة من القرض المصري 6 أشهر

اعتبر اقتصاديون تأخر صرف الدفعة الخامسة دليلا على عدم رضاء الصندوق بشكل كامل عن أداء الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية

أجل صندوق النقد الدولي صرف الشريحة الخامسة من قرضه لمصر، والبالغة 1.2 مليار دولار، إلى نهاية العام 2025، في ظل تصاعد الخلافات مع الحكومة المصرية بشأن وتيرة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المتفق عليها، وعلى رأسها تحرير سعر الصرف، وطرح الشركات العامة، وتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص.

وقال صندوق النقد الدولي، إنه يعتزم جمع المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج دعم مصر البالغ حجمه 8 مليارات دولار في خريف العام الجاري، وذلك لمنح السلطات مزيدا من الوقت لتحقيق الأهداف الأساسية لبرنامجها للإصلاح الاقتصادي ( ما يعني تأخير صرف الشريحة الخامسة لنحو ستة أشهر).

وقالت المتحدثة باسم الصندوق “جولي كوزاك” في إفادة صحفية دورية إن خبراء الصندوق يعملون مع السلطات المصرية على وضع اللمسات الأخيرة على الإجراءات الرئيسية للسياسة الاقتصادية، خاصة تلك المتعلقة بدور الدولة في الاقتصاد، وقالت “كوزاك” إنه من السابق لأوانه مناقشة حجم أي مبلغ متوقع صرفه فيما يتعلق بالمراجعتين المجمعتين.

تعليق الاقتصاديين

اعتبر اقتصاديون تأخر صرف الدفعة الخامسة، دليلا على عدم رضاء الصندوق بشكل كامل عن أداء الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية، لاسيما المتعلقة بطروحات الشركات السيادية للبيع، وتباطؤ التحرير الكامل لسعر صرف الجنيه، وربما يتأخر تبعا لذلك قرض الاتحاد الأوروبي وقيمته حوالي 4 مليارات دولار، بيد أن صندوق النقد من جهته لا يبدو راغبا في إطالة أمد برنامجه مع مصر، لكنه في الوقت ذاته يتمسك بإشارات جدّية إلى التزام الإصلاح. أما القاهرة، فتمسك العصا من المنتصف بين التزاماتها الاقتصادية لأسباب سياسية واجتماعية، في محاولة للوصول إلى تسوية تُبقي القرض قائما وتخفف كلفته الاجتماعية، وفق محللين.

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي وائل النحاس أن السبب الجوهري للأزمة الراهنة هو “تأخر مصر في تنفيذ ما وعدت به”، وفي مقدمة ذلك ملف الدعم. فالدعم الحكومي ما زال قائماً للكهرباء والمياه ورغيف الخبز، وهي ملفات حساسة ذات أبعاد اجتماعية وسياسية بالغة التعقيد، ما يجعل تحريكها محفوفاً بالمخاطر في نظر الحكومة، رغم الضغط المتواصل من الصندوق. ويضيف النحاس أن مسألة عدم تكافؤ الفرص بين القطاع الخاص والشركات العامة، خصوصا تلك التي تتمتع بإعفاءات ضريبية أو جمركية، شكّلت أحد أعمق مواطن الخلاف، يرى الصندوق أن مثل هذا التفاوت يقوّض القدرة التنافسية للقطاع الخاص، ويضعف بيئة الاستثمار المحلي والأجنبي.

أما الخبير الاقتصادي هاني أبو الفتوح، فيضع الكرة في ملعب الحكومة المصرية، مطالباً إياها باتخاذ خطوات ملموسة لإعادة الثقة مع الصندوق، في مقدمتها إصدار اللائحة التنفيذية لقانون إدارة المالية العامة، واستكمال إجراءات “رأسمالة” البنك المركزي، فضلاً عن نشر تقارير منتظمة ومفصلة حول الإيرادات العامة وأوجه الإنفاق. ويشدد أبو الفتوح على ضرورة كبح هيمنة الشركات العامة، وتوسيع نطاق الحوكمة والشفافية والنزاهة كركائز لا غنى عنها لتهيئة مناخ استثماري جاذب، مؤكداً أن هذه الإصلاحات تمثل التزامات مؤجلة لا بد من الإيفاء بها.

صمت رسمي مطبق

يسود صمت رسمي مصري حيال تأجيل صرف الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد الدولي، في ظل غياب تقرير المراجعة الماضي، حيث صب عدم صدور التقرير مزيدا من الغموض على مسار المفاوضات ومصيرها. وأكد الخبراء أن الصورة ستتضح جليا مع اقتراب شهر أغسطس، لتبقى الأيام القادمة مرآة لحجم ما تبقى من ثقة بين الطرفين.

ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب أن ثمة تباينات ملحوظة في الرؤى بين الحكومة المصرية والصندوق، بدءاً من السياسة النقدية ووصولاً إلى تعهدات وثيقة “سياسة ملكية الدولة”. ويشير عبدالمطلب إلى أن صندوق النقد لا يعتبر ما يجري في سوق الصرف المصري بمثابة تعويم حقيقي، بل يعتبره “تعويماً مداراً” يخضع لضوابط ضمنية غير معلنة، مما يحدّ مرونة الجنيه مقابل الدولار رغم التقلبات الظاهرة في الأسعار. هذه النقطة ظلت بنداً خلافياً جوهرياً خلال المراجعات السابقة، بحسب قوله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى