هل تدفع الضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل الاقتصاد المصري نحو حافة الانهيار؟

مازالت الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران على تلقي بظلالها سريعاً على الاقتصاد المصري، وحملت الساعات الأولى من المواجهات تداعيات اقتصادية ومالية، وُصفت بـ”السلبية” على الاقتصاد، حيث تعطلت مصانع الأسمدة والبتروكيماويات، بعدما أوقفت الشركة القابضة للغاز الإمدادات، عقب انحباس الغاز الإسرائيلي إثر وقف الإنتاج من حقلَي “ليفياثان” و”تمار” الإسرائيليَين في أعقاب اندلاع العدوان على إيران.
كما أوقفت الحكومة ضخ المازوت والسولار للمصانع التي تستخدمه كوقود في صناعات كالأغذية والأسمنت لمدة 14 يوماً، بهدف توفير نحو 8 آلاف طن مازوت يومياً لسد احتياجات محطات الكهرباء، لحين توفير الشحنات المستوردة، بحسب تصريحات مسؤول حكومي لـ”بلومبيرج”.
في حين أخر تراجع الجنيه أمام الدولار، بمعدل 50 قرشاً رسمياً، وجنيه واحد في السوق الموازية، وارتفعت خدمة فوائد الديون السيادية، وخيّمت مخاوف من تعطل حركة السفن وشحن الواردات، ما ينذر بزيادة أسعار السلع ومستلزمات الإنتاج.
الصراع الإيراني الإسرائيلي يهدد الاقتصاد المصري
وبحسب استطلاع حديث أجرته CNBC عربية كشف عن قلق واسع في مصر ازاء تداعيات الصراع المتصاعد في الشرق الأوسط بين إيران وإسرائيل على الاقتصاد المصري.
وتُظهر نتائج الاستطلاع الذي شارك فيه 20 من كبار المستثمرين والمحللين وخبراء الاقتصاد في شركات وبنوك استثمار، أن هذه الحرب قد لا تكون مجرد أزمة عابرة، بل مرشحة لأن تُحدث تحولات أعمق في اقتصاد مصر.
وأظهر الاستبيان أن إدارة الأزمة قد تنعكس على ملف تحرير أسعار الوقود والطاقة، فرغم عزم الحكومة تحرير أسعار المواد البترولية بنهاية العام بشكل كامل، يرى 50% من المشاركين في الاستطلاع أن التحرير سيبقى جزئيًا، بينما يرى 25% أنه سيتم تأجيل أي خطوات كاملة في ظل الحرب ومراعاة للبعد الاجتماعي، فيما رأى 10% أن الحكومة ستتجه لتحرير أسعار الطاقة بنهاية 2025.
مواضيع مقترحة
مصر تتأهب لأزمة في السلع بعد الحرب الإسرائيلية على إيران
وبشأن مصادر الضغط على الجنيه، فقد تباينت آراء المشاركين، وجاء تفاقم الصراع الإقليمي في مقدمة الإجابات، ولا يتوقع أغلب المشاركين أن يتحسن سعر الجنيه كثيرًا؛ بل رجّح 60% أن يتحرك الجنيه بين 52 و55 جنيهًا للدولار، في حين رأى 15% من المشاركين أن سعر الدولار سيبقى دون 50 جنيهاً.
وعن أسباب نقص إمدادات الغاز وتقليص أحمال الكهرباء، قال 45% من المشاركين إن الأزمة مزدوجة، تجمع بين تداعيات الحرب الإقليمية والتي تسببت في وقف إمدادات الغاز من إسرائيل وبين احتمالات صعوبة الاستيراد فضلا عن الحاجة للاستثمار في بدائل مستدامة.
كما يرى 35% من المشاركين أن التأثير سيكون سلبياً على الصادرات بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج، فيما يقول 30% من المشاركين إن التأثير سيكون محدودًا، بينما يتوقع آخرون أن تستفيد بعض القطاعات المصرية إيجاباً من تغيرات المشهد الإقليمي.
مخاوف متزايدة من الخبراء والاقتصاديين
أعرب خبير التمويل والاستثمار، وائل النحاس، عن مخاوفه من تزايد ضغوط تأثيرات حالة الاضطراب الجيو سياسي وأجواء الحرب الواسعة في المنطقة، على الجنيه المصري الذي فقد نحو 50 قرشاً في نهاية تعاملات الأسبوع، مع أولى ساعات الحرب بين إسرائيل وإيران، وتراجعه في العقود الآجلة بنحو 127 قرشاً للجنيه، ليصل إلى 60.29 جنيهاً مقابل 58.62 جنيهاً صباح الخميس الماضي، لافتاً إلى إمكانية تزايد هذه الهوة، في حالة خروج الأموال الساخنة من سوق السندات وأدوات الدين المحلية، التي يعول البنك المركزي عليها في زيادة الغطاء النقدي من الدولار.
يرى مراقبون خلال رصدهم لخسائر مصر من التصعيد الحالي في إقليم الشرق الأوسط أن المؤشرات السلبية السابقة المحتملة قد تدفع بالحكومة المصرية لاتخاذ قرارات تقشّف، ورفع أسعار الوقود، والكهرباء، وتعريفة النقل والمواصلات والركوب، والاتصالات، والسلع الأساسية، وبالتالي زيادة معدلات التضخم.
وأكدوا في الوقت ذاته، أنّ: “ارتفاع أسعار النفط والغاز عالميا نتيجته المباشرة هي ارتفاع تكلفة إنتاج ونقل السلع داخل مصر”. ملمحين أيضا إلى ارتفاع تكلفة الاستيراد، وموضحين بأنّ: زيادة تكاليف الشحن وأعباء التأمين بسبب التوترات الجارية، تضاف إلى تكلفة السلع المستوردة، ما يدفع أسعارها للارتفاع في السوق المحلي.